في الزمن الصعب والمفصل التاريخي في الجوار الفلسطيني، لا بد من المبادرة والتحرك استباقاً للتداعيات ضمن وسط سياسي اعتاد الركود والتقاعس عن التحرك. لا بل أن الوسط الرسمي اللبناني، عادةً ما ينكفئ إلى الضبابية والإرتباك و"النأي بالنفس" من الحرب في سوريا وصولاً إلى الحرب في الأراضي الفلسطينية، وهذا ما يقود دائماً إلى الفشل والتلقي بدلاً من التحسب والمبادرة.
هذا الهاجس الوطني الذي يُقلق جميع اللبنانيين، هو ما دفع برئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل إلى أخذ المبادرة والتواصل مع الجميع، بعيداً من الخلافات السياسية والتقليدية. وضع الإختلاف مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي جانباً، وأكد معه ضرورة مواجهة التطورات بروح المسؤولية الوطنية، وأكد مع السيد حسن نصر الله في اتصال هاتفي أهمية حماية لبنان وتعزيز الوحدة، من ضمن سياسة التشاور الدائم.
أما اللقاء مع الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، فتميز بالقواسم "المشتركة الكثيرة" حول تداعيات الوضع، بما يشمل حماية لبنان والتضامن مع الحق الفلسطيني، بحسب ما شدد عليه جنبلاط. وقد أكد باسيل المساحات المشتركة مع جنبلاط، بما يشمل "تجنيب لبنان الحرب في موازاة التضامن مع الشعب الفلسطيني". وهدف تحصين لبنان لا يستكمل إلا بإعادة تكوين السلطة عبر "انتخاب رئيس جمهورية وتأليف حكومة"، وذلك تأكيداً لوجود سلطة كاملة المواصفات الشرعية الدستورية للتعاطي مع المخاطر المحدقة بلبنان، والأهم حسب "صوت العقل لحماية البلد وبعضنا بعضاً"، بحسب رئيس "التيار".
وفي وقت تُستكمل غداً جولة رئيس "التيار"، استمرّت فصول "حرب الإستنزاف" في جنوب لبنان، وأدّت إلى شهداء جدد لدى حزب الله الذي واصل ضرب المواقع الإسرائيلية التي باتت مقدراتها التجسسية التقنية خارج الخدمة تقريباً. أما في الأراضي الفلسطينية وفي ظل احتفاظ حماس بقدرتها على ضرب المدن الإسرائيلية، فإن الإشتباك يتوسع بين بنيامين نتتياهو والجيش المتخوف من مخاطر اقتحام غزة برياً، وهو الذي لم يشف بعد من صدمة الهجوم الشامل والفشل الإستخباري الكبير...