لا يمتلك رئيس حكومة الكيان الاسرائيلي الغاصب بنيامين نتنياهو سوى القصف الوحشي على المدنيين في غزة والذي تسجل نتائجه في سجلات لجان حقوق الانسان تمهيدا لمحاكمته الآتية لا محالة، شأنه شأن سلفه أيهود أولمرت الذي أخفق في تحقيق أي إنجاز في عدوان تموز ٢٠٠٦ وإقتيد الى التحقيق ومن ثم الى المحاكمة فالسجن.
منذ إنطلاق عملية طوفان الأقصى المباركة التي ألحقت بالعدو هزيمة نكراء، أعلن نتنياهو أن الكيان في حالة حرب واضعا عدة أهداف لعدوانه على غزة، من أبرزها: القضاء على حركة المقاومة الاسلامية حماس، إطلاق سراح الأسرى، تعزيز قوة الردع لدى الجيش الاسرائيلي، وإعادة الثقة للمستوطنين بالمؤسستين العسكرية والأمنية، وتحسين صورته التي تهشمت على وقع النجاح الذي حققته عملية طوفان الأقصى.
وقد عرض نتنياهو هذه الأهداف على الداعم الأكبر، رئيس الولايات المتحدة الأميركية جو بايدن الذي أعطاه مهلة زمنية لتحقيق ما أمكن من هذه الأهداف التي من شأنها ان تمنح اسرائيل والمحور الداعم لها إنتصارا ولو معنويا تستطيع من خلاله ترتيب أوضاع المنطقة انطلاقا من غزة الجريحة.
أربعة عشر يوما مرّ على القصف الاسرائيلي الوحشي وعلى إرتكاب المجازر الواحدة تلو الأخرى بحق الأطفال والنساء والشيوخ. ولعل ما شهده المستشفى الأهلي المعمداني من مذبحة حقيقية يعكس حجم الأزمة التي يعيشها نتنياهو الذي يرزح تحت عبء سلسلة من الأزمات لا حلول أو معالجات لها.
على صعيد العدوان على غزة بدأ نتنياهو يفقد زمام المبادرة خصوصا أن عمليات القصف والقتل والتدمير لا تحقق أي أنجاز ميداني، كما ان الاجتياح البري دونه محاذير كانت موضع خلاف بين الحكومة والجيش وكذلك الرئيس بايدن الذي سأل نتنياهو عن أفق الاجتياح وأهدافه والخسائر الكبرى التي يمكن ان يتكبدها الجيش الاسرائيلي الذي لا يحتمل هزيمة ثانية أمام حماس التي من المؤكد انه بعد العملية العسكرية المحترفة التي نفذتها في غلاف غزة لن تترك أي ثغرة في البر وهي على أهبة الاستعداد للمواجهة وما زالت تمتلك الكثير من الأوراق العسكرية ومن عناصر المفاجأة.
ويأتي ذلك في ظل مخاوف أميركية عبر عنها بايدن من إمكانية ان يؤدي الاجتياح البري الى تحرك حزب الله في الجنوب بشكل أوسع وهو بالرغم من ضرباته المدروسة والدقيقة وتعاطيه مع هذه الحرب بكثير من الوعي والحكمة الا ان الاصابات المباشرة التي حققها أعدمت اكثر من عشر دبابات وقتلت أكثر من ١٥ جنديا وجرحت العشرات من العسكريين الاسرائيليين.
أما على الصعيد الداخلي، فإن التظاهرات الغاضبة تثقل على نتنياهو وهي تطالب باسقاطه ومحاكمته وتصفه بالفاشل وتدعوه الى حماية الاسرى الذين تحولوا الى أولوية لدى المجتمع الاسرائيلي ما يضع الاجتياح البري الاسرائيلي على غزة في مهب الريح.
أمام هذا الواقع، يبدو نتنياهو عالقا على شجرة العدوان فلا هو قادر على كسر المقاومة في غزة أو زعزعة صمود أهلها، ولا هو قادر على الاجتياح بفعل السقف الأميركي الذي رسمه له بايدن الخائف من حرب كبرى بدأت بوادرها تظهر بضرب المصالح الأميركية في المنطقة والحبل على الجرار، ولا هو قادر على تحمل فتح جبهة ثانية مع المقاومة الاسلامية في لبنان، وفي الوقت نفسه لا طائل من إستمرار القصف على غزة والذي يضاعف من النقمة عليه.
تشير مصادر مواكبة الى أن فترة السماح الأميركية لنتنياهو تكاد تنتهي، ما يعني الرضوخ للمفاوضات وإدخال المساعدات وصولا الى وقف إطلاق النار، وهذا يعني حماية اسرائيل والتضحية بنتنياهو ومجموعته وهو سيواجه جرائم الابادة وإنتهاك حقوق الإنسان، ما سيؤدي الى محاكمته على غرار سلفه أولمرت او ربما يكون مصيره مصير إسحق رابين.