"حزب الله" ليس خارج الحرب كما يحاول البعض أن يروِّج، علماً أنه لم يكن على علم بهجوم "حماس" إلى حين حدوثه، وما يجري اليوم على جبهة الشمال، يتعدّى حدود الإشغال ليصل لأن يكون حرباً حقيقية حتى الآن لا تزال مضبوطة.
فعدد قتلى الجيش الإسرائيلي بضربات "المقاومة الإسلامية" أكبر بكثير مما يعلنه الكيان الإسرائيلي، والحديث عمّا يزيد على أربعين قتيلاً إسرائيلياً، وحتى الآن المقاومة قدّمت 13 شهيداً من مجاهديها، ودمّرت ما يزيد على عشر دبابات، كما استطاعت أن تعطل ثلث التجهيزات الفنية وأجهزة الإستعلام والإستطلاع التي تمتد من الإسكندرية الى الجولان، وأفقدتها قدرتها، وبالتالي، أصبح الجيش على الحدود الجنوبية اللبنانية بعين واحدة.
كل ذلك حدث، وحتى الآن القوة المكلفة بسيناريو العبور أي "قوة الرضوان"، لم تتدخل في المعركة الدائرة في الشمال، ولا زالت المقاومة تتعامل مع المعركة وكأنها في الساعات الأولى.
وكل المعلومات عن أن هناك مقاتلين من العراق أو من دول المحور، او أن وفداً من قيادة الحوثي في لبنان، غير صحيح جملةً وتفصيلاً.
وأمام هذه التطورات، عمد الجيش الإسرائيلي إلى نشر أربع فرق من مقاتليه في غزة، كما نشر في الشمال وحده ثلاثة أخرى، بعدما كانت فرقة واحدة تمسك جبهة الشمال، والأكثر من ذلك أن بعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للكيان، تحولت إجراءات الكيان إلى الحالة الدفاعية، الزيارة التي جاءت بعدة أهداف أبرزها، الإحتضان للكيان بسبب الخسائر الكبيرة التي مُني بها الجيش الإسرائيلي ولإدارة الإسرائيليين وعقلنه تحركاتهم، حتى لا يقدموا على حماقة غير محسوبة النتائج.
لا شك أن الأميركي، ومن خلال تصريحاته وتهويله، يخشى دخول الحزب إلى الحرب من بابها الواسع، وقد جرّبه في حروب سابقة وكانت إمكانياته أقل بكثير ممّا هي عليه اليوم، لذا، يسعى جاهداً إلى درء هذا التهديد الذي يعده وجودياً للكيان.
إذاً فجهوزية المقاومة في أعلى درجاتها، وقد اختبرها الإسرائيلي في اليومين الماضيين، بإرساله عدداً من الدبابات لجسّ النبض، فكان الرد عليه قاسياً، إذ تمّ تنفيذ حركة التفافية بعدها قُصفت الدبابات من قبل مجاهدي المقاومة.
على مستوى الوضع المعنوي للمقاومة، هو بالتأكيد في أفضل حالاته، وليس هناك خشية من اندلاع الحرب، وليس في الأمر مبالغة أن يقال إن المقاومة تريد الحرب إذا تطلّب الأمر. وحتى على مستوى قدرة "حماس"، هي الأخرى لم تتأثر، ولم يسقط لها شهداء وبنيتها الداخلية حتى الآن لم تتضرر، لا بل لدى مقاتليها رغبة شديدة في القتال لعدم تضييع الإنجاز .
على المقلب الآخر؛ الإسرائيليون اليوم في أضعف حالاتهم، ويتهيّبون الدخول إلى غزة لسببين: الأول، غزة نفسها وما قد يكون في انتظارهم إذا حصل الإجتياح، والثاني، "حزب الله" وقدراته التي ما زال يجهل العدو حتى اللحظة تفاصيلها.
قيادتا العمليات في غزة ولبنان تدركان جيداً أن الحزب يسير في الطريق الصحيح، والتنسيق جارٍ حتى مع الجبهات الأخرى، والدليل هو قصف قاعدة عين الأسد في العراق رداً على إرسال واشنطن لحاملات طائراتها، فكان الردّ على التهديد بالتهديد.
ويبقى أن ما يُرسم للمنطقة مع غياب الإتصالات الآن على مختلف الأصعدة لعدة أسباب، سيناريو مكرّر يشبه ما حدث في حرب تموز يقوم على ثلاثة مراحل، الأولى استهداف للمدنيين ومن ثم تهجير لسكان المنطقة ليأتي بعدها الخروج من المعادلة السياسية ، وإن صحّ هذا السيناريو، فإن حكومة نتنياهو هي من سيدفع الثمن.