مع حلول اليوم العاشر للحرب التي وعد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنها حرب برية ضد حركة حماس، لم تبدأ الحرب البرية، وقد وظّف نتنياهو الدعم الغربيّ العنصريّ الذي تلقاه بعد زلزال طوفان الأقصى، لشنّ حرب إبادة على سكان غزة، معتمداً التدمير المنهجي للمباني والمساكن وترويع المدنيين بالقتل بدم بارد، حتى زادت المنازل المدمّرة عن عشرة آلاف وزاد مجموع الشهداء والجرحى عن خمسة عشر ألفاً. وكشف نتنياهو مشروعه البديل عن الحرب البرية التي بات ثابتاً أن جيشه يخشى خوضها ضد قوى المقاومة، بمشروع تهجير سكان غزة إلى مصر، ما تسبّب باستنفار مصري أردني رفضاً لمشروع قديم جديد هو مشروع الترانسفير الذي يبدأ بغزة وتهجير سكانها إلى مصر ويتبعه تهجير الضفة الغربية إلى الأردن، وقد بدأ الموقف العربي الرسمي الذي قدم مساندة سياسية لنتنياهو عبر موقف يساوي المقاومة بالإرهاب الصهيونيّ، أي بين الضحية والجلاد كما ورد في بيان وزراء الخارجية العرب بعد عملية طوفان الأقصى، فيما بدأ الشارع العربي ينهض ويتحرّك بقوة وكانت تظاهرات العاصمة الأردنية ولحقتها الرباط عاصمة المغرب، حيث خرج أمس مئات الآلاف يهتفون لغزة ورفض التطبيع، وبرز تحرّك سعودي مصري أردني عنوانه تسريع وقف النار وتأمين المساعدات لغزة وفك الحصار عنها، وتعمّدت القاهرة والرياض تظهير طريقة إبلاغ وزير الخارجية الأميركية لهذا الموقف بصورة تشير الى بدء تفكك جدار الدعم السياسي الذي حظي به نتنياهو بعد عملية طوفان الأقصى.
بالتوازي كان وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان يُنهي زيارته للدوحة، حيث نقل ما وصفه بالغليان في إيران ولدى قادة محور المقاومة، لافتاً الى أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله رسم المراحل والخطوط الحمراء لكل منها، وأنه إذا لم تفلح مساعي وقف مذبحة غزة خلال أيام أو خلال ساعات فإن الأمور سوف تخرج عن السيطرة، وأنه إذا تدخل حزب الله فإن خارطة المنطقة سوف تتغير.
على حدود لبنان الجنوبية واصلت المقاومة تصعيد وتيرة هجماتها على مواقع جيش الاحتلال، بما بدا أنه توسيع تدريجي لمدى المعركة ومستواها، استعداداً للحظة صدور قرار الانتقال إلى مرحلة أخرى من الانخراط في حرب غزة. وقد تعرّضت ثمانية مواقع لجيش الاحتلال على طول خط الحدود وبعمق عدة كليومترات، لصواريخ المقاومة من أنواع مختلفة، أوقعت عدداً من القتلى والجرحى.
تصاعدت وتيرة التوتر على الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة في ظل تكثيف المقاومة عملياتها ضد مواقع الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود بالتوازي مع اقتراب جيش الاحتلال من إعلان الساعة الصفر لبدء العملية العسكرية البرية في قطاع غزة، فيما واصل جيش العدو اعتداءات على القرى والبلدات الجنوبية واستهداف المناطق المأهولة بالسكان ولم توفر في عدوانها الصحافيين وقوات اليونفيل في الجنوب والجيش اللبناني والصليب الأحمر ما أدّى الى سقوط عدد من الشهداء والجرحى، في مقابل سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال بعمليات متعددة للمقاومة.
وأعلن حزب الله في بيان أن “مجاهدي المقاومة الإسلامية استهدفوا بالصواريخ الموجّهة دبابة ميركافا في موقع الراهب مما أدّى إلى إصابتها إصابة مباشرة ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح”.
كما وأعلن الإعلام الحربي في حزب الله، أن “مجاهدي المقاومة الإسلامية هاجموا خمسة مواقع صهيونية حدودية وهي: جل العلام، بركة ريشا، موقع راميا، موقع المنارة وموقع العباد، بالأسلحة المباشرة والمناسبة”، كما استهدفت المقاومة موقع الراهب الصهيوني وموقع شتولا بالأسلحة المباشرة والمناسبة.
وأفادت وسائل إعلام عبرية بأن جيش الاحتلال أغلق طرقاً مؤدية لبلدات قرب الحدود مع لبنان وأعلنها منطقة عسكرية مغلقة.
وأعلن جيش الاحتلال سقوط قتيل وعدد من الجرحى في إطلاق نار من لبنان. وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن “الأمن طلب من سكان مستعمرة المطلة الحدودية مع لبنان إغلاق الأبواب والبقاء في المنازل خوفاً من عملية تسلل”.
وأشار متحدث عسكري إسرائيلي إلى أن “حزب الله يعمل على تصعيد الوضع على الحدود اللبنانية لإعاقة الهجوم المضاد على غزة”، مؤكداً بأن “إسرائيل مستعدة للقتال على جبهتين وحتى أكثر إذا استدعى الأمر”.
إلا أن خبراء عسكريين أشاروا لـ”البناء” إلى أن “الاحتلال الاسرائيلي يعمل على إطلاق التهديدات لرفع معنويات جيشه المنهار بعد الضربات القاسية التي تلقاها خلال الأسبوع الماضي، وللإيحاء للرأي العام الاسرائيلي بأنه لا يزال قادراً على القتال على جبهات عدة فيما هو يتعثر بالجبهة مع غزة ويقيم الحسابات حيال العملية العسكرية في غزة تحسباً لتداعياتها التي ستكون كارثية وستكون الضربة النهائية لجيش الاحتلال”. ويستبعد الخبراء توسع اسرائيل بالحرب مع لبنان لأنها تدرك ما ينتظرها من مفاجآت ستكون أضعاف ما واجهته في غزة فجر السابع من تشرين، ولذلك أحد أسباب تردّد القيادة السياسية والعسكرية بالدخول البري الى غزة هو دخول حزب الله الحرب، ما يضع العدو أمام جبهتين ساخنتين وبالتالي سيواجه الهزيمة حتماً”.
وأشارت مصادر مطلعة لـ”البناء” الى أنه وعلى الرغم من أن جيش الاحتلال يخرق قواعد الاشتباك وترد المقاومة في لبنان بضربات موجعة، إلا أن المواجهة على جبهة الجنوب لا تزال ضمن الإطار المقبول نسبياً لكونها لم تتوسع لتطال أهدافاً مدنية بشكل موسع وأهدافاً حيوية وبنى تحتية، في ظل القلق الذي يعتري كيان الاحتلال من توسع جبهة الجنوب ولذلك يعمل العدو وفق قواعد اشتباك معينة وضعها لنفسه كي يتجنب استدراج حزب الله الى توسيع الحرب، لكن المصادر تشير الى أن التوتر المستمر على الحدود وفي ظل أجواء من الاحتقان السائد واشتعال الجبهة الفلسطينية قد تنزلق الأوضاع الى حرب واسعة النطاق وتعجز القوى الغربية عن احتوائها”.
وشدّدت مصادر المقاومة لـ”البناء” الى أن حزب الله غير معني بتقديم ضمانات لأي جهة كانت بأنه لن يدخل الحرب بشكل موسّع، مشيرة الى أن “على كيان العدو أن يبقى قلقاً لأن المقاومة مستمرة باستهداف مواقعه على كامل الحدود مع فلسطين المحتلة، وقد توسع أهدافها في أي وقت تراه مناسباً، ولا تخشى قرقعة طبول الحرب التي يطلقها رئيس حكومة الاحتلال ولا أصوات المدمرات وحاملات الطائرات الأميركية التي ستكون أحد أهداف المقاومة في أي حرب واسعة في الأيام المقبلة”، وحذّرت المصادر من أن تمادي قوات الاحتلال في قطاع غزة من غير المضمون بقاء الوضع الحالي على حاله، وقد تبدأ المفاجآت بالظهور تدريجياً ومن جبهات متعددة لم يتحسّب لها الاحتلال يوماً كما حصل فجر السابع من تشرين. وختمت المصادر بالتأكيد بأن “لا ضمانات بأن تبقى جبهة الجنوب على هذا المستوى من التوتر، وكل الاحتمالات واردة”.
وفي هذا السياق، شدد عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق، على أن “العدوان الإسرائيلي على غزة هو تهديد للأمن القومي في لبنان، وأن أهداف ونتائج العدوان على غزة، تتجاوز غزة لتصل إلى لبنان وسورية وكل المنطقة، وأي عدوان إسرائيلي على لبنان في أي زمان ومكان، سيقابل بالرد القاسي والعاجل”.
ولفت قاووق، خلال احتفال تأبيني في حسينية بلدة خربة سلم، إلى أن “الأساطيل وحاملات الطائرات لن تخيفنا من أن نقوم بواجبنا الوطني والإنساني في الدفاع عن أهلنا ووطننا، ولذلك كلما قصفوا بيوتاً أو قتلوا أحداً من أهلنا أو مقاومينا، فإن المقاومة ردّت وستردّ الصاع صاعين، وعلى الأميركيين أن يعلموا أن بوارجهم لن تغيّر شيئاً من موقف المقاومة، وأن عماد مغنية ما غادر الميدان، وقد خلّف وراءه مئة ألف مقاتل مدربين ومجهّزين، وهم أبطال الميدان وصنّاع انتصاراته”.
إلى ذلك، جدد وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبداللهيان التحذير بأنّه “في حال تلكؤ المجتمع الدولي والأمم المتحدة والفاعلين في العالم والمنطقة والذين يدعمون إثارة الحروب الإسرائيلية، فسيلقون الردّ الذي تريده المقاومة في المكان المناسب، وهذا الردّ سيغيّر خارطة الأراضي المحتلة”. وكشف أنّه اطّلع من أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله على “التطورات الميدانية للمقاومة في فلسطين ولبنان”، مضيفاً “إنّه رجل براغماتيّ ولطالما كان له الدور الأبرز في تحقيق أمن لبنان والمنطقة”، لافتاً إلى أنّ “أي خطوة سيُقدم عليها “حزب الله” سينتج عنها زلزال كبير ضد الكيان الصهيوني”.
وأضاف “اقترحنا أن يُعقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الإسلامية للبحث في الوضع في غزّة وأعلنّا استعداد طهران لاستضافته”. وإذ اعتبر أن “المقاومة هي التي تحدد شروطها بعد وقف العدوان على غزّة”، لفت إلى أنّ “المقاومة وضعت أمامها السيناريوهات المحتملة عند باقي الجبهات والإعلان عن ساعة الصفر إزاء أي إجراء في حال استمرار الجرائم الإسرائيلية هو في يد المقاومة”.
وكانت قوات الاحتلال قد واصلت اعتداءاتها خلال اليومين الماضيين على القرى الحدودية، فقصفت مدفعيته محيط بلدة مروحين بـ3 قذائف.
وأشارت مصادر “البناء” الى أن القذائف الإسرائيلية طالت مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة وشظاياها وصلت إلى عدد من المنازل وأصابت مواطنًا إصابة طفيفة.
وأفاد الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” اندريا تننتي عن سقوط قذيفة في موقع لليونيفيل، وطمأن بعدم وقوع إصابات.
بدوره، أجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اتصالاً بالقائد العام للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان الجنرال ارولدو لاثارو مستفسراً عن ملابسات سقوط أحد الصواريخ في مقر لـ”اليونيفيل” في الناقورة. وشدّد ميقاتي على التضامن الكامل مع “اليونيفيل” واطمأن الى عدم وقوع ضحايا.
الى ذلك، أوعزت وزارة الخارجية والمغتربين الى بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، “تقديم شكوى الى مجلس الأمن الدولي عن قتل إسرائيل المتعمد للصحافي اللبناني الشهيد عصام عبدالله العامل في وكالة رويترز، وإصابة صحافيين آخرين بجروح من وكالة الصحافة الفرنسية وقناة الجزيرة، مما يشكل اعتداء صارخاً وجريمة موصوفة على حرية الرأي والصحافة، وحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، من خلال استسهال قتل الصحافيين العزل ضحايا رغبتهم بنقل الحقيقة، والدفاع عنها بعدسات كاميراتهم وأقلامهم، ونقلهم لشريط الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة في جنوب لبنان”.
على صعيد الحراك الدبلوماسي الخارجي، فإن كلا من وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا، ووزير خارجية تركيا هاكان فيدان سيزوران لبنان خلال اليومين المقبلين، للبحث بالأوضاع الأمنية على الحدود.
وعلمت “البناء” أن وزيرة الخارجية الفرنسية تصل اليوم بيروت وتزور رئيس الحكومة عند الرابعة عصراً في السرايا الحكومية وورئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة عند الخامسة عصراً.
وتواصلت الرسائل والاتصالات الدولية – الأميركية الغربية العربية بالحكومة اللبنانية لمحاولة أخذ ضمانات بعدم تدخّل حزب الله بالحرب، إلا أن الحزب لم يقدم أي ضمانة، وعلمت “البناء” أن بعض السفراء سألوا المسؤولين اللبنانيين عن توقيت دخول حزب الله المعركة بشكل أوسع وعلى أيّ مستوى، لكن لم يلقوا أي إجابة وافية.
وفي هذا السياق برزت زيارة السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا الى المدير العام السابق للأمن العام اللواء ابراهيم.
وفي موقف فرنسي مستغرب، أعلن قصر الإليزيه، أن “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حذّر نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي في اتصال هاتفي من أي تصعيد أو توسيع للنزاع بين “إسرائيل” وحماس خاصة في لبنان”.
وفي تحيّز واضح وفاضح للعدو الاسرائيلي، ذكّر الرئيس الفرنسي “بضرورة أن يدين الجميع بشكل صريح هجمات حماس الإرهابية في “إسرائيل” وحق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها، وكذلك القضاء على الجماعات الإرهابية التي ضربت سكانها”. وأضاف أن “إيران، نظراً لعلاقاتها مع حزب الله وحماس، تتحمل مسؤولية”، مشدداً على “وجوب أن تفعل كل ما في وسعها لتجنب أي تصعيد إقليمي”.
داخلياً، تمنى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط في تصريح له من عين التينة بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بأن “يبقى لبنان خارج هذه الدائرة إلا إذا أصرّ العدو الاسرائيلي على الاعتداء، واليوم نلاحظ الاعتداء اليومي على لبنان من قبل “اسرائيل”، وما يجري رهيب، والبعض نسي المشروع الأساس هو حل الدولتين”.
وأطلق رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل سلسلة مواقف من التطورات في كلمة له غامزاً من قناة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وقال: “اذا سأل سائل ما علاقة لبنان نحيله إلى شهداء الإعلام ونذكر بكل اعتداءات “اسرائيل” التي ردعتها بسالة المقاومة. وما كنا لنتكلم عن ثروة لبنان وندعو الى عدم التسرّع باستنتاجات خاطئة حول عدم وجود غاز في بحرنا ونذكر بمعادلتنا السابقة أن لا غاز من كاريش من دون غاز من قانا. ومخطئ من يتصوّر أن شرق المتوسط عائم على غاز طبيعي فيما الشاطئ اللبناني محروم منه”.
وشدّد على أنه “من يظنّ انّ تسويات او اتفاقات او أحداثاً خارجية كأحداث غزة تفرض علينا رئيسًا من هنا أو هناك وبحسب نتائج الأحداث والرابح والخاسر فيها فهو واهم”، لافتاً الى أن “لا تنسوا معادلة الداخل لذلك تعالوا ننتخب رئيسًا الآن دون انتظار نتائج الحرب التي ستطول للأسف”.
وأضاف باسيل: “مخطئ من يظن ان إغراق لبنان بالنازحين ينسينا حق العودة لأكثر من نصف مليون فلسطيني”، ولفت الى أن “لبنان لا يمكنه الا ان يكونَ نصيراً لفلسطين، ولكن الا يحقُ له ان يكونَ نصيراً لنفسِه؟ لقد جرَّبَ بعضُنا إباحة أرضنا للغير واختبرنا جميعُنا مآسيها، كما جرَّبَ بعضُنا التعاملَ مع العدو ودفعْنا جميعُنا أثمانَه، وجرّبنا المقاومة واستفدنا من منافِعها. الا يحقُ لنا ان نرفضَ في وقتٍ واحد العمالة وجعل وطننا ساحةً بدل ان يكون دولةً؟”.
ورأى أن “النزوح السوري يتخطى كل قدرة على استيعابه ويتجاوز كل رقم، هذا النزوح يضرب كل المواثيق والقوانين الدولية ويناقض القوانين اللبنانية كافة، وبالتالي النازح الذي يعمل خلافًا للقانون يضرب السيادة إضافة إلى حرمان المواطن من الكهرباء وغيرها لكون النازح يقاسمه إياها يصبح النازح متقدما على ابن الأرض”.