أكثر ما يخشاه العدو الاسرائيلي هو “الحقيقة”، لذلك فهو عدوها الأول، لكي لا تكشف إجرامه وهمجيته وغطرسته ووحشيته وقتله الأطفال والنساء والشيوخ وتهديمه المباني على رؤوس ساكنيها.
منذ نشوء هذا الكيان الغاصب، والعدو الصهيوني يسعى دائما الى إغتيال الحقيقة، بإستهداف الكلمة والصورة والصوت من خلال قتل الصحافيين بدم بارد، هكذا حصل في غزة حيث أدت الغارات الوحشية المستمرة منذ ثمانية أيام الى إستشهاد سبعة من الزملاء الصحافيين كانوا يؤدون واجبهم المهني، وهذا ما شهدته بلدة علما الشعب أمس بإستشهاد الزميل المصور عصام عبدالله (وكالة رويترز) وجرح كل من الزملاء: كارمن جوخدار وإيلي براخيا (الجزيرة) وكريستينا عاصي وديلان كولينز (وكالة الصحافة الفرنسية) والمصور محمد حسن (وكالة تسنيم)، وذلك في عمل إسرائيلي جبان يرقى الى جرائم الحرب.
لا يتوقف العدو الاسرائيلي عن تزوير الحقائق، وعن تشويه الماضي والحاضر والمستقبل، وهو يحاول الاستمرار بتنفيذ مخططاته الاجرامية في الظلام بعيدا عن الاعلام لذلك، فإنه يقصف العدسات قبل أن يعتدي على المراكز والمؤسسات، ويلاحق الناشطين الذين يفضحون جرائمه وينشرون نتائج عدوانه اللا إنساني والتي من شأنها أن تحرك الصخر، لكنها ما تزال عاجزة عن تحريك الرأي العالمي بقياداته وأنظمته إضافة الى بعض المتخاذلين من العرب.
بالأمس روى الشهيد عصام عبدالله أرض الجنوب، لينضم الى قافلة المقاومين من مقاتلين ومدنيين وصحافيين، وليلتحق بزميلته شيرين أبو عاقلة التي قتلها الاحتلال على أرض فلسطين، وهي ربما نادته بعدما نشر صورة لها قبل نحو ستة أيام مستذكرا تلك المناضلة التي لن يستطيع العدو إطفاء وهجها المستمر مع كل عدوان.
يتجه العدو الاسرائيلي اليوم الى قطع خطوط الانترنت عن قطاع غزة، ليطفئ نور الحقيقة، ما يضاعف من مسؤولية الاعلام العربي الملتزم بقضية فلسطين وكل الناشطين على وسائل التواصل الذين عليهم أن يمارسوا فعل المقاومة الحقة بتصوير وفضح ممارسات العدو وكل إنتهاكاته التي بلغت مداها.
لم تشهد البلدات الجنوبية أمس توترات كبيرة أو قصفا متبادلا بين المقاومة والعدو الاسرائيلي ليرتكب جريمة من هذا النوع بإستهداف الصحافيين، خصوصا أن المقاومة ما تزال تحرص على عقلانيتها وعلى الالتزام بقواعد الاشتباك من دون أن ينقص ذلك من عنفوانها وحضورها وحفاظها على أرضها وشعبها، حيث ما تزال ترد بشكل مدروس فستهدف المراكز العسكرية الصهيونية وتوقع الخسائر بين ضباطه وجنوده، من دون أن تقوم بأي إستهداف للمدنيين، فيما العدو المربك الباحث عن إنجاز يحفظ به ماء وجهه في غزة وخارجها، يترجم حالة إنعدام الوزن التي يعيشها بمزيد من الجرائم ومن إستهداف المدنيين والصحافيين، ويراكم الإعتداءات على الأراضي اللبنانية ولن يكون بمقدور المقاومة السكوت عنها ما قد يؤدي الى تدحرج الأمور الى مواجهة شاملة، خصوصا أن هذا العدو لا يفهم سوى لغة القوة.