منذ العام ١٩٤٨ تاريخ النكبة، والعدو الإسرائيلي لا ينفك يعتدي على المدنيين من شيوخ ونساء وأطفال في مختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة، ضارباً بعرض الحائط كل الأعراف الإنسانية والقوانين الدولية التي تحمي حقوق الانسان.
اليوم بعد أسبوع على عملية “طوفان الأقصى” التي حددت حركة حماس “ساعة الصفر” لتنفيذها، مغيرة للمرة الأولى قواعد الاشتباك، ها هو العدو الإسرائيلي يصعّد من عدوانه على القطاع حتى ارتقت افعاله الى “جرائم حرب” لطالما امعن في ممارستها.
غير ان ما غاب عن بال الاحتلال الإسرائيلي هو ان هذه “غزة”، تلك المدينة التي قصفت مراراً ولما تزل صامدة، صابرة، ومقاومة. فمنذ انسحاب العدو من القطاع في العام ٢٠٠٥، لم تتوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية عليه، الا ان بعضها تحول الى حروب استمرت لمدة من الزمن وحصدت آلاف الشهداء والجرحى.
ففي كانون الأول من العام ٢٠٠٨ كانت حرب “الرصاص المصبوب” التي شنها العدو الإسرائيلي على قطاع غزة بهدف انهاء وجود حركة حماس فيه، ردت عليها المقاومة الفلسطينية ب “معركة الفرقان”. وقد استمرت هذه الحرب ٢٣ يوماً (٢٧ كانون الأول الى ١٨ كانون الثاني ٢٠٠٩) وخلفت وراءها ما يزيد عن ١٤٣٠ شهيدا فلسطينيا، بينهم أكثر من ٤٠٤ أطفال و٢٤٠ امرأة. كما دمرت أكثر من ١٠ آلاف منزل. فيما اقر العدو الاسرائيلي بمقتل ١٣ اسرائيلياً وجرح ٣٠٠ آخرين.
والى العام ٢٠١٢، حيث اغتال العدو الاسرائيلي احمد الجعبري قائد كتائب عز الدين القسام آنذاك، مطلقا ً معركة “عامود السحاب” التي اراد منها تدمير مواقع تخزين صواريخ المقاومة الفلسطينية لاية فصيل انتمت. فكانت “حجارة السجيل” الرد الفلسطيني على تلك الاعتداءات. وفي المعركة التي استمرت اسبوعاً (١٤ الى ٢١ تشرين الثاني)، استشهد ١٨٠ فلسطينياً، بينهم ٤٢ طفلا و١١ امرأة، وجرح نحو ١٣٠٠ آخرين. في وقت اقرت السلطات الاسرائيلية بمقتل ٢٠ إسرائيلياً وأصابة ٦٢٥ آخرين معظمهم بـ”الهلع”، وقدرت الخسائر التي لحقت بها بأكثر من مليار دولار.
اما سنة ٢٠١٤، فكان “الجرف الصامد”. وعلى مدى ٥١ يوماً (٧ تموز الى ٢١ آب)، شن جيش العدو الاسرائيلي على قطاع غزة اكثر من ٦٠ غارة واغتال ٦ اعضاء من حركة حماس. فردت المقاومة الفلسطينية عبر “العصف المأكول” فقتلت ٤٨ جندياً اسرائيلياً وتسببت بجروح ل ٢٥٢٢ آخرين. فيما ارتقى ٢٣٢٢ شهيداً فلسطينياً وجرح ١١ الفاً. كما اسفر “العصف المأكول” عن اسر كتائب القسام في ٢٠ تموز ٢٠١٤ للجندي الاسرائيلي شاؤول أرون.
عدوان رابع شنته قوات الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة في تشرين الثاني ٢٠١٩، واسفر عن اغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس في غزة بهاء ابو العطا وزوجته. ما دفع الجهاد الاسلامي الى الرد بعملية اسماها “صيحة الفجر”، استمرت لبضعة ايام، نتج عنها استشهاد ٣٤ فلسطينياً وجرح مئة آخرين وسط تكتم اسرائيل على عدد قتلاها وحجم الخسائر التي الحقتها بها المقاومة الفلسطينية.
وفي ٢٠٢١، وبعد اقتحام مستوطنين لمنازل المقدسيين في حي الشيخ جراح شن العدو الاسرائيلي معركة “حارس الاسوار”، فكان الرد حازماً من خلال “سيف القدس” التي ارادها الفلسطينيون معركة للرد على الانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة على المسجد الاقصى والمصلين فيه. فاستشهد ٢٥٠ فلسطينياً وجرح ٥ آلاف آخرين.
الى العام ٢٠٢٢ حيث توهم كيان الاحتلال الاسرائيل يان بإمكانه القضاء على حركة الجهاد الاسلامي، فشن معركة اسماها “الفجر الصادق”، لترد عليها المقاومة الفلسطينية ب “وحدة الساحات” والتي اشترك فيها الى جانب الجهاد الاسلامي، كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى. وبحسب بيانات وزارة الصحة في قطاع غزة يومها، فقد ادت هذه المعركة الى استشهاد ٢٤ فلسطينياً، ٦ منهم اطفال، واصابة ٢٠٣ آخرين بجروح.
اما فجر يوم السبت ٧ تشرين الاول ٢٠٢٣، فكان الهجوم المباغت لحركة حماس “طوفان الاقصى” الذي قلب المعادلة وبدل من قواعد الاشتباك على الساحة الفلسطينية. فجاءت هذه العملية لتباغت العدو الاسرائيلي وتضعه في حالة ارباك لم يشهد لها مثيل. ورغم اعلان كيان الاحتلال الرد على هجوم حماس بما اسماه “السيوف الحديدية”، الا انه فقد السيطرة على الوضع العسكري، وتمكن المقاومون من تحقيق انجاز عبر كسر غلاف غزة والحاق خسائر فادحة بجيش الاحتلال واقتصاده، واثبتوا قدرتهم على الصمود رغم كل ما تتعرض له غزة من حصار وقصف.
هي غزة.. منها انطلقت شرارة العمل الفدائي ايام الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. هي التي بقيت محافظة على هويتها الفلسطينية العربية، ترنو اليها العيون اليوم وتتلى الصلوات لتصمد امام الفظائع التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق رجالها ونسائها وشيوخها واطفالها، فمستقبل القضية الفلسطينية مرهون بصمود غزة العزة.
كلمات دلالية: غزة الفلسطينية الى العدو آخرين الاسرائيلي فلسطينيا الاحتلال |