بلغت الوحشية الإسرائيلية ذروتها في غزة المحاصرة بالحديد والنار، وبلغ التواطؤ الغربي مداه، والعجز العربي وصل الى حدوده القصوى، فلا صوت يعلو فوق صوت المقاومة الفلسطينية التي تسطر اروع ملاحم البطولة رغم أنهار الدم وإرتقاء الشهداء والمساحات المدمرة التي تشهد على إجرام العدو المربك في الداخل وعند الحدود الشمالية مع لبنان بفعل ضربات المقاومة الاسلامية التي تعزز قوة الردع وتحافظ على توازن الرعب.
بالرغم من دخول طوفان الأقصى يومه السادس فإن العدو الصهيوني ما يزال يفتش عن إنجاز يعيد له هيبته ويحافظ من خلاله على ماء وجهه الذي مرغته المقاومة في أرض فلسطين، حيث يجسد كل أنواع الحقد المعطوف على الجبن من خلال إستهداف الآمنين في غزة عن بعد عبر الطائرات المعادية التي تقصف عشوائيا على مدار الساعة، مرتكبا المجازر التي ترقى الى جرائم الحرب وضد الانسانية والابادة الجماعية.
في غضون ذلك تسعى الولايات المتحدة الأميركية الى التخفيف من الهلع الاسرائيلي بتأكيد الدعم المطلق وعرض الخدمات وإستقدام حاملة الطائرات جيرالد فورد الى البحر المتوسط، وقد وصل في هذا الاطار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الى المنطقة ومن المفترض أن يزور اليوم فلسطين المحتلة ليلتقي مع قيادات الكيان الغاصب لطمأنتهم بأن إسرائيل تشكل أولوية مطلقة لأميركا.
ويبدو من خلال الزيارة بأن أميركا لا ترغب بتصعيد من شأنه أن يؤدي الى حرب إقليمية كبرى لن تكون في مصلحة الكيان الصهيوني، خصوصا أن إستمرار الوحشية الاسرائيلية ضد غزة أو القيام بإجتياحها براً، سيحرك جبهات المقاومة وسيجسد وحدة الساحات التي تنتظر قرار المقاومة الفلسطينية التي ما تزال صامدة وقادرة على التحرك بحرية تامة وتسديد الضربات الموجعة لجيش العدو.
وتشير المعلومات الى ان بلبنكن أجرى إتصالات مع وزراء خارجية كل من السعودية وقطر ومصر ، فيما تحدث الملك الأردني عبدالله الثاني مع الرئيس الأميركي جو بايدن، وكان لافتا ليل أمس الاتصال الذي جرى وللمرة الأولى بين الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حيث شددا على ضرورة وقف جرائم الحرب في غزة، كما جاء بيان جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية ليصب باتجاه هذه المساعي الهادفة الى وقف العدوان والذهاب بإتجاه المفاوضات، وذلك قبل أن تنزلق الأمور أكثر ويدخل حزب الله في المعركة فتشتعل كل الجبهات.
تدرك أميركا أنه لا يمكنها اليوم أن تخوض معركة الى جانب إسرائيل ضد محور المقاومة خصوصا أنها لن تكون نزهة للحليفين الأميركي والاسرائيلي، لذلك فإن بلينكن يسعى من خلال جولته التي إعتبرها البعض مؤشرا على عدم الرغبة بالتصعيد، لإعطاء نتنياهو إنجازًا ولو كان وهميا يمهد لوقف العدوان، في حين تقوم السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا بمساع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لثني حزب الله عن الدخول في الحرب.
ويبدو أن الوزير السابق وليد جنبلاط قد تنبه لهذه المؤشرات، فأكد انه “سيكون الى جانب حزب الله في حال دخوله الحرب وانه لا يمكن إلا ان يكون مع المقاومة ومع الفلسطينيين في هذه الظروف”، داعيا المجتمع الدولي الى “الضغط على نتنياهو من اجل وقف العدوان”، مؤكدا أن “الحل الوحيد لما يجري اليوم هو الذهاب الى المفاوضات.
وكان لافتا أمس دخول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على خط المواقف، فإعتبر أن “أميركا فشلت في حل أزمة الشرق الأوسط”، داعيا الى “الاستمرار بإعتماد حل الدولتين، وإجراء حوار بين الفلسطينيين والاسرائيليين”، غامزا من قناة إرسال حاملة الطائرات الأميركية مؤكدا أنها “إذا كانت للتخويف فإن الشعب اللبناني لا يخاف”.
وقد حمل موقف بوتين أكثر من رسالة، لجهة، أن حاملة الطائرات لن تخيف حزب الله القادر على التعامل معها في حال خرجت عن قواعد الاشتباك ولعل حرب تموز وإغراق البارجة الاسرائيلية في البحر اكبر دليل على ذلك، فضلا عن التأكيد انه اذا دخل محور المقاومة في الحرب في حال خرجت الأمور عن السقف السياسي والعسكري فإن روسيا لن تترك حلفاءها.
في المقابل ما يزال حزب الله يرد على الاعتداءات الاسرائيلية، وهو نجح في إعادة تعزيز قواعد الاشتباك في الجنوب اللبناني من خلال عمليات مدروسة لكنها موجعة، وتؤكد في الوقت نفسه أن إنطلاق الطوفان اللبناني قد يغرق إسرائيل.