مع دخول "حرب تشرين" الفلسطينية يومها الخامس، بات من الواضح أن هناك معادلةً ترتسِم على الحدود اللبنانية الجنوبية، عنوانها الردّ المتناسب بالنار، لكنْ التصاعدي. ذلك أنّ الرقعة التي يتبادل فيها حزب الله مع القوات الإسرائيلية الرسائل النارية، محصورة برقعة جغرافية محدّدة حدودية. ولكل رسالة أو تخطٍ للقواعد، ردٌ مناسب يتضمن إطلاق صواريخ مضادة للدروع مع قصفٍ بقذائف الهاون، مع اختيار أهداف عسكرية محددة، كما يحصل مع معسكر "أفيفيم".
لكن الثابت أيضاً في هذه المعادلة، أنَّها باتت تصاعدية مع الوقت وفي ظل ازدياد عنف القصف التدميري الإسرائيلي على غزة. وبالتوازي مع "عنفٍ إعلامي" إسرائيلي يحمل تهديدات بترحيل الغزاويين إلى الحدود المصرية، ترتفع حدة سخونة الجبهة الشمالية، وخاصة بعد دخول نحو خمسة عشر طائرة شراعية إلى شمال فلسطين، مع ما يحمله ذلك من تهديداتٍ بالغة الدلالة للأمن الإسرائيلي.
وعلى الخط الفلسطيني من جهة جنوب فلسطين، كرّست "كتائب القسّام" ومعها الفصائل الأخرى، معادلة القصف الصاروخي الذي يطال كل المدن الإسرائليية بما فيها تل أبيب، وجعلِ حياة الإسرائيليين جحيماً لا يُطاق طالما أن الطائرات لا تعرف حدوداً للتدمير في غزة، والذي توازى مع استهداف محطات الكهرباء والأحياء السكنية وتطبيق الحصار على القطاع. كذلك واصلت الفصائل استخدام مكامن قوتها في الطائرات الإنتحارية والإستمرار في السيطرة على بعض المستوطنات، وإظهار هذا الجانب في حربها الإعلامية.
أما على المستوى الدولي، فالخوف من تدخل حزب الله يحكم الموقف الأميركي، الذي جعل من حاملة الطائرات رسالة تهديدية. وهذا ما أثار حفيظة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي رد من مؤتمر الطاقة في اسطنبول على التحرك البحري الأميركي، سائلاً ما إذا كان ذلك لقصف لبنان، ومؤكداً أن هذه النوايا لم تعد تخيف أحداً.
في هذا الوقت لا تزال حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي تقبع في غيبوبة سياسية ودبلوماسية، ما عدا بعض التصريحات والمواقف لبعض الوزراء، ما يرسّخ غياب الدولة اللبنانية في أحد أدق الظروف التي تحيط بلبنان.