دخلت عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها حركة “حماس” يومها الخامس، ومن الواضح أن الحرب ستطول وفق المؤشرات، وفي ظل تهديدات إسرائيلية باقتحام غزّة برّياً مع وصول تعزيزات أمنية إلى البحر الأبيض المتوسط، ومساعدات عسكرية للعدو الإسرائيلي الذي يصب جام إجرامه على غزة، في مقابل مواجهة بطولية لأهالي القطاع الذين يرتكب القصف الإسرائيلي بهم أبشع المجازر، إضافة إلى حصار لا إنسانياً على القطاع، وحرمان الفلسطينيين من الطعام والماء والكهرباء وحتى الاستشفاء.
وبالتوازي مع الاشتباك الحاصل في فلسطين المحتلّة، فإن التوتر يتكرّر جنوباً بشكل محدود مرحلياً مع إطلاق دفعة صواريخ في عملية تبنّتها حركة “الجهاد الإسلامي”، وإطلاق دفعة أخرى تبنّاها “حزب الله” أعلن خلالها تدمير ناقلة جند إسرائيلية بشكل كامل، رداً على استشهاد عناصره.
بالتوازي، حذّر الرئيس وليد جنبلاط من أننا في مرحلة دقيقة جداً، مضيفاً “نصحت رسمياً وغير رسمياً حزب الله بأن لا يُستدرَج”، مضيفاً “أجدد رسالتي بأن لا يُستدرَجوا، لأن سهل جدا أن نبتدئ الحرب وصعب أن يعلم كيف تنتهي”.
وأكد جنبلاط “أننا نقف الى جانب الشعب الجنوبي والى جانب كل من يتعرض للاعتداء من قبل اسرائيل”.
وأضاف: “علينا ان نعي في لبنان ان ما من أحد منا يستطيع أن يقدّم او يؤخر، نستطيع فقط أن ندعم ونرمم الحكومة كون قضية الانتخابات الرئاسية في الوقت الحاضر أُجلت أو جُمدت، ولذا علينا ان ندعم الحكومة كي تستطيع المواجهة عند الأسوأ، وقد تحصل، وأن تقوم بواجباتها صحياً واجتماعياً والهيئة العليا للاغاثة وسواها”.
وتابع “من حقي ان أخاف على المواطن اللبناني واذا كان القدر هو حرب جديدة فلنوحّد انفسنا ونترك السجالات الداخلية جانباً”.
العميد المتقاعد والباحث في الشؤون الاستراتيجية هشام جابر يُشير إلى أن “الوضع يتجه إلى مزيد من التأزم والتوتر المتصاعد في فلسطين المحتلّة، لأن “حماس” لن تسكت عن القصف الوحشي الذي يطال غزّة، وإسرائيل سوف تستمر بهجماتها”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، يلفت جابر إلى أن “إسرائيل قد تُصعّد في أكثر من اتجاه، منها زيادة وتيرة القصف، تكثيف عمليات الاغتيال، وتشديد الحصار على غزّة من خلال استهداف المعابر، أما بالنسبة لخيار الاجتياح البرّي، فإن إسرائيل لن تقوم بهذه العملية قبل السيطرة كاملاً على غلاف غزّة”.
لكن في هذا السياق، يُذكّر جابر أن “حماس” أعلنت استعدادها لحرب طويلة، ولديها رصيد كبير من المقاتلين والسلاح ما يُمكّنها من الصمود بوجه الغزو البرّي وتكبيد العدو الخسائر، ومن المُمكن أن تلجأ إسرائيل إلى تقسيم قطاع غزّة إلى أقسام وقطع التواصل بين الأقسام ومن ثم السيطرة عليه تدريجياً وفق منطلق عسكري”.
وعن لبنان والحدود الجنوبية، يستبعد جابر أن يفتح “حزب الله” جبهةً على نطاق واسع، لأن لا مصلحة له في ذلك، وهو لن يكون البادئ في حال تدهور الوضع، وكذلك الأمر إسرائيل، لكن ثمّة حالتان قد تدفعان بالوضع إلى الانفجار، وهما إمّا ضربة إسرائيلية واسعة النطاق لحزب الله، أو ضربة إسرائيلية في العمق الإيراني، وعندها فإن الجبهات قد تُفتح على مصراعيها”.
وفي هذا الإطار، فإن حاملة طائرات أميركية ضخمة وصلت إلى البحر الأبيض المتوسط، ويُعلّق جابر ويقول إن وصول الحاملة “فورد” رسالة إلى “حزب الله” لعدم التدخل، وقد جرى إبلاغ الحكومة اللبنانية بوجوب عدم فتح جبهة الجنوب، علماً ان دور حاملة الطائرات معنوي ولوجستي لدعم إسرائيل.
وفي سياق متصل، يرى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم أن “العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني لم يتوقف بكل عنجهيته، وإسرائيل تنتهك كافة القرارات الدولية، فيما المطلوب من المجتمع الدولي، الذي يتعامل بازدواجية معايير، الضغط على إسرائيل ووضع حد لهذا العدو وارتكاباته”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء”، يتطرّق هاشم لمستجدات الجنوب، ويُشير إلى أن “إسرائيل تخطّت قواعد الاشتباك مع “حزب الله”، وما يحصل جنوباً طبيعي في سياق الهجوم والرد، ومن الضروري أن يعرف الجميع أن من يُريد الاستقرار عليه أن يضع حداً للعدو وغطرسته”.
إذاً، فإن الأنظار باتت بالكامل على غزّة وتطوراتها من جهة، والى المجتمع الدولي وطريقة تعاطيه العنصري بتأييده المجازر التي ترتكبها إسرائيل والممارسات الإجرامية، اذ سيؤدي هذا التغاضي عنها إلى مزيد من دورات العنف، وإلى مزيد من المآسي بحق الشعب الفلسطيني الذي من حقه ان يدافع عن حياته.