حرمت العمليات العسكرية والتوتر الأمني الكبير طلاب الجنوب من الحضور إلى مدارسهم لليوم الثاني على التوالي. وفيما كان يفترض أن ينطلق العام الدراسي في القطاع الرسمي يوم أمس الإثنين، بعدما توصلت روابط المعلمين إلى اتفاقات مع وزارة التربية لاستقرار العام الدراسي، عادت المدارس والثانويات الرسمية إلى إقفال أبوابها اليوم الثلاثاء في جميع الأقضية المحاذية للحدود اللبنانية الجنوبية، من صور مروراً ببنت جبيل ووصولاً إلى حاصبيا وشبعا. وكذلك أقفلت المدارس الخاصة أبوابها بطلب من وزير التربية عباس الحلبي مساء الاثنين، داعياً إدارات المدارس في تلك المناطق إلى متابعة الأوضاع كل يوم بيومه، وما سيصدر من بيانات عن وزارة التربية بهذا الشأن. هذا فيما انتقلت المدارس الخاصة المجهزة إلى التعليم من بعد لعدم تضييع المزيد من الدروس على الطلاب.
تقلص عدد الطلابفيما أقفلت المدارس أبوابها بدأت المستشفيات في محافظتي الجنوب بالاستعداد تحسباً لتطور الأوضاع. وعقدت إدارات المستشفيات اجتماعات لأطقمها الطبية وعينت خلايا لإدارة الكوارث، وأمنت مخزوناً احتياطياً من المحروقات والمستلزمات الطبية لتكون على جاهزية، في حال قُطعت الطرق، كما أكد مصادر طبية في الجنوب لـ"المدن".تربوياً، كانت الثانويات والمدارس الرسمية تأمل بأن يسارع أهالي الطلاب إلى حسم أمرهم وتسجيل أبنائهم هذا الأسبوع مع بدء العام الدراسي في القطاع الرسمي. فكما سبق وكتبت "المدن" كشفت انطلاقة العام الدراسي في القطاع الرسمي يوم الاثنين عن تقلص كبير بأعداد الطلاب، وصل إلى أكثر من النصف، مقارنة بالعام الفائت، ولا سيما في مرحلة التعليم الثانوي. وكذلك تقلص عدد الشِعب. أما في مناطق بنت جبيل ومرجعيون والعرقوب، المتاخمة للحدود، فكشف اليوم الأول أن ثمة ثانويات مهددة بالدمج أو الإقفال، في حال لم يرتفع عدد الطلاب المسجلين إلى أكثر من مئة طالب، تقول مصادر تربوية لـ"المدن". وكان الأسبوع الجاري حاسماً لناحية الاستمرار بتسجيل الطلاب وحسم الأهالي المترديين موقفهم من التعليم الرسمي. لكن تطورات الأوضاع الأمنية في الجنوب استدعت إقفال المدارس أبوابها، وباتت رهن تطور الأوضاع العسكرية.الوضع كارثيفي القطاع الرسمي يصف مصدر مطلع في وزارة التربية الوضع بأنه أكثر من كارثي هذا العام على مستوى تراجع عدد الطلاب وعلى مستوى إعادة توزيع الحصص في المدارس. لكن لا أرقام رسمية قبل انتهاء مدة التسجيل التي مددت حتى 26 تشرين الأول. فوزارة التربية ومدراء المدارس والثانويات يعولون على الأسبوع الحالي لإعادة ثقة أهالي الطلاب بأن العام الدراسي في المدارس الرسمية سينتظم. وقد تقاطعت مصلحة الأساتذة المعارضين مع روابط المعلمين لضرورة انطلاق العام الدراسي في القطاع الرسمي من دون اضطرابات. فالأساتذة يأملون بالحصول على أجر قد يصل إلى 600 دولار شهرياً كحوافز ومساعدات، أي بما يشبه معدل الأجور في المدارس الخاصة، وليس أمامهم إلا إبداء الثقة بأن الوزارة ستدفع هذه المبالغ الزهيدة، ولن تنكث بالوعود، كما حصل العام الفائت. لذا فإن الأسبوع الحالي حاسم باعتراف الأساتذة المعارضين لناحية عودة الثقة لأهالي الطلاب بانطلاق العام الدراسي من دون اضطرابات، الأمر الذي قد يدفعهم لتسجيل أولادهم بالقطاع الرسمي. لكن المدارس في المناطق الحدودية الجنوبية، حرمت من هذه الفرصة، لا سيما في حال أبقت الاعتداءات الإسرائيلية أبوابها مقفلة.وكان يوم أمس انطلاق العام الدراسي في القطاع الرسمي وسط تناقص كبير بعدد الطلاب ما استدعى خفض الشِعب، وكان قدوم الأهالي لتسجيل أولادهم خجولاً. وأحد الأمثلة على تراجع أعداد الطلاب كان في ثانوية ناديا عون في جبل لبنان، التي شهدت إضراباً مديداً العام المنصرم. وتقلصُ عدد الطلاب فيها استدعى الاستغناء عن عشرة أساتذة تم نقلهم إلى ثانوية سعيد القريبة منها. أما في منطقة صيدا فقد أقفلت ثانويات قسم اللغة الفرنسية بسبب عدم توفر عدد طلاب كاف. وفي ثانوية أخرى قررت المديرة جمع طلاب علوم عامة وعلوم حياة باللغة الانكليزية مع اللغة الفرنسية، أي افتتاح صف واحد للغتين. وفيما بات هناك فائض بالأساتذة في مدارس وثانويات في مختلف المناطق، نتيجة تراجع عدد الطلاب، تبين أن مدارس أخرى بحاجة لأساتذة، ما استدعى خفض حصص التدريس إلى خمس باليوم وليس ثماني حصص. وسيستمر الوضع على حاله إلى حين صدور قرارات بمناقلات الأساتذة وتوزيع الحصص، أو اللجوء إلى التعاقد مع أساتذة جدد، لتعويض حصص الأساتذة الذين تقاعدوا أو الذين طلبوا إجازات مفتوحة.