في الذكرى الخمسين لحرب تشرين، كرر الفلسطينيون السابقة، لكنها هذه المرة أسطورةٌ جديدة نابعة من معاناتهم، فقلبوا الموازين والمعادلات والصور النمطية عن مجريات صراعهم مع الإحتلال الإسرائيلي.
وبدل رؤوس الجسور على "حاجز بارليف" وضربات الطائرات المقاتلة واقتحام خطوط الإحتلال في الجولان من الفرق المدرعة السورية، كانت الوحدات المظلية الفردية لكتائب القسام والدراجات النارية وسيارات "الجيب" تقتحم المستوطنات الإسرائيلية في سابقة هي الأولى منذ عام 1948، وتسيطر عليها وتقبض على أسرى، ومن بينهم الجنرال نمرود ألوني وعدد كبير من الجنود من داخل دباباتهم ومدرعاتهم المحروقة، ومراكزهم المحصنة، في الوقت الذي تعرضَ فيه الداخل الإسرائيلي لطوفان من الصواريخ في عملية "طوفان الأقصى".
هي المرة الأولى في الإقتحام والتطور النوعي في المبادرة الهجومية للمنظمات الفلسطينية المقاومة لإسرائيل. لكنها تأتي من ضمن سياق من تراكم عوامل القوة على أنواعها، وفي ظل استماتة فلسطينية على التمسك بالحق ورفض الممارسات الإسرائيلية المستمرة في القدس، والتي تشمل إلى جانب ما هو معروف في المسجد الأقصى، إهانة المسيحيين المقدسيين والفلسطينيين عبر ظاهرة "البصق" المعبرة عن العنصرية الإسرائيلية.
ذلك أن الأجيال الفلسطينية استمرت في رفع المقاومة، وخاصة في الضفة الغربية التي تحولت إلى مشاهد يومية من العمليات بكل الأسلحة المتوافرة، من البندقية إلى السكين إلى عمليات الدهس، رفضاً من شعب لا يريدُ تكريس الإحتلال.
ردُ فعلِ إسرائيل سادته الصدمة. قيادات عسكرية سابقة تساءلت عن وجود الجيش والشرطة والفشل الإستخباري غير المسبوق. بنيامين نتنياهو اختفى، مع استدعاء الإحتياط لمواجهة ما وصفه رئيس الحكومة الإسرائيلية ب"الحرب الحقيقية"، في موازاة فرض رقابة على الأخبار العسكرية. ومع اندفاع إسرائيل لإعلان الرد عبر عملية "السيوف الحديدية"، تتوجه الأنظار إلى المنازلة القادمة، والتي من المتوقع أن تشهد علميات بالغة العنف، مع المعلومات عن سعي إسرائيلي لاجتياح بري لغزة، في مقابل الإستعداد الفلسطيني للمواجهة وتوسيعها. وفي ظل الحديث عن ترقب لتوسع القتال إلى جبهات أخرى، لا يُعتقد وبحسب التجارب السابقة، أن تعمد إسرائيل إلى هذا الخيار، في ظلّ القوة المعروفة لحزب الله، ومع تصاعد أصوات إسرائيلية أمنية سابقة تحذر من توسيع دائرة الرد إلى جبهاتٍ أخرى.
وفي الداخل اللبناني، ردود فعل مؤيدة للعملية، وأشار حزب الله إلى استمرار التواصل مع المنظمات الفلسطينية لتقييم الوضع الميداني. وفي الدول العربية، فلفت بيانُ الخارجية السعودية لجهة تحميل مسؤولية التصعيد لإسرائيل واستفزازاتها في الأقصى، مع ما يمكن أن يطرحه ذلك من تساؤلات حول مسار التطبيع بين إسرائيل والرياض. أما مصر من جهتها فقد طالبت الطرفين بعدم التصعيد وضبط النفس وعدم مهاجمة المدنيين.
كلمات دلالية: إسرائيل الإسرائيلية وفي الإحتلال ظل سابقة الفلسطينية الأقصى |