ليس إشكال الدورة بين لبنانيين ونازحين سوريين حدثاً عابراً في تاريخ الإحتقان اللبناني من وطأة النزوح المدمر للوطن اللبناني. ذلك أن تنامي الهواجس اللبنانية على المستويات الأمنية والإدارية والشعبية، من شأنه أن يؤدي إلى حوادث مماثلة في المستقبل القريب والبعيد، إن لم يشهد اللبنانيون إجراءات عملية ترفع هذا النير عنهم.
والأخطر هو استمرار استقالة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من مسؤولياته، خاصة وأن اللبنانيين لم يسمعوا أي موقف منه إزاء هذا الإشكال، والرؤية العملية التي يقترحها للمعالجة. ذلك أن هذا التدمير اليوم للإقتصاد اللبناني والنسيج الإجتماعي والتغيير الديموغرافي العميق، سيستفحل ويؤدي إلى تصاعد ردود الفعل إن لم يقد لبنان الرسمي انتفاضة في وجه الرعاة الغربيين والأوروبيين، بعيداً عن أكاذيب الإلتزام بالقانون الدولي الذي لا تستعمله الدول القوية إلا في وجه الضعفاء، والذي بات يُستخدم راهناً كما حقوق المودعين كشعار خادع لرفض الإجراءات العملية من قبل بعض "الجوقات" المدافعة عن المنظومة، بما في ذلك فتح الحدود البحرية وتخلي لبنان عن التزاماته في الوقت الذي لا تحترم فيه دول الإتحاد الأوروبي مصلحة لبنان لا بل وجوده بالذات.
وعلى خط أمني مواز، تحولت انتفاضة سجن زحلة ظهر اليوم إلى مأساة بسقوط قتلى وجرحى نتيجة الدخان المنبعث من الحريق داخله. ويعيد هذا الحادث تسليط الضوء على الأزمات في دولة تتحلل وتنهار إداراتها، ومن ضمنها كيفية الحفاظ على السجون وضطبها وهي التي لا تسع كل هذه الأعداد من الموقوفين والمحكومين.
على الخط الإقليمي والعربي، شكل الهجوم على حفل تخريج الضباط في حمص نقطة تحول في الصراع السوري الذي لا تزال توقد فيه القوى الدولية، سعياً للضغط على النظام. ذلك أن حجم الإستهداف للمناسبة والمشاركين وللمؤسسة العسكرية السورية، دفعها إلى المبادرة على الجبهات التي كانت هادئة إلى حد كبير وخاصة في الشمال السوري وإدلب، وإعادة تفعيل الحرب على المنظمات الإرهابية، خاصة وأن الهجوم كان سبقه استعمال ورقة السويداء واللعب على وتر الهواجس الطائفية، من دون أن ينجح النافخون في أتون التفجير.