وجهت قيادة الجيش اللبناني من خلال الجولة التي نظمتها مديرية التوجيه لوسائل الاعلام المحلية والعربية والعالمية على الحدود الشمالية أمس، رسائل في أكثر من إتجاه، خصوصا بعد الحملة التي يتعرض لها والاتهامات التي يطلقها البعض ضده حول تسهيل دخول النازحين أو التقاعس في ملاحقتهم او غض النظر عنهم، وذلك بهدف تصفية حسابات مع القائد جوزيف عون على خلفية الاستحقاق الرئاسي.
ومن أبرز هذه الرسائل:
أولا: حرص قيادة الجيش على تعريف وسائل الاعلام على المنطقة الحدودية شمالا وجغرافيتها وإتساع رقعتها وصولا الى المعابر غير الشرعية المترامية الأطراف والتي تحتاج لآلاف العسكريين لضبطها، بما يجعلها أكثر قدرة على إنجاز تغطيات وتقارير منطقية تحاكي الواقع وتراعي الصعوبات التي يواجهها الجيش على الحدود.
ثانيا: التأكيد على دور الجيش كجهاز امني وعسكري وحيد في مواجهة حركة النزوح السوري بإتجاه لبنان، وإظهار الجهود التي يبذلها والتي أفضت الى توقيف عشرات آلاف النازحين المتسللين عبر هذه الحدود.
ثالثا: الكشف عن الإمكانات التي يتمتع بها الجيش على هذا الصعيد بالرغم من الظروف الاقتصادية والمالية المأساوية التي تجعله يعمل ويواجه ويضبط الحدود ويفرض الأمن والاستقرار بطول البلاد وعرضها باللحم الحي الذي لا تتوانى بعض التيارات السياسية عن سلخه بإفتراءات وإتهامات باطلة.
رابعا: التأكيد على أن الجيش يقوم بواجبه الوطني المنوط به قائدا وقيادة وضباطا وأفرادًا بمعزل عن أي إستحقاق سياسي وبعيدا عن أية مصالح.
خامسا: تعرية بعض التيارات السياسية التي تحاول استغلال أزمة النزوح بمواقف إرتجالية شعبوية تستهدف قيادة الجيش، وهي بعيدة كل البعد عن واقع هذه الأزمة التي تحتاج الى تضافر جهود كل التيارات السياسية اللبنانية للخروج بموقف وطني حيالها.
وفي الوقت الذي كانت فيه مديرية التوجيه وعدد من الضباط يقدمون الشروحات الكاملة لوسائل الاعلام عن جغرافية المنطقة وتاريخ المعابر غير الشرعية وكيفية تسلل النازحين برا أو بحرا من خلال الهجرة غير النظامية، والخطط العسكرية التي يعتمدها الجيش لمنعهم وتوقيفهم، جاء الإسناد من قاعدة جونية البحرية عبر قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي قال خلال إفتتاحه مدرسة القوات البحرية بتمويل من الحكومة الألمانية: لعل أزمة النزوح السوري هي أشد التحديات التي تواجه الجيش حاليًّا، سواء التسلل عبر الحدود البرية أو الهجرة غير الشرعية عبر البحر. ولقد ازدادت موجات النزوح في الأشهُر الماضية بشكل لافت، وحذرنا منها مرارًا، وطالبنا الجميع بتحمّل مسؤولياتهم، كلٌّ من موقعه. وأضاف: يتصدى الجيش وحده حاليًّا لهذا التحدي رغم كل التعقيدات الجغرافية واللوجستية والعددية، ويتعرّض يوميًّا لحملات مشبوهة ضده. في هذا الإطار، أحيّي كلَّ ضباطنا وعناصرنا الذين يبذلون قصارى جهودهم للحد من النزوح وتداعياتِه، كما أحيّي عناصر القوات البحرية على جهودهم في ما خص حماية الحدود البحرية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية عبر البحر، أمام كلّ الصعوبات والإمكانات المتواضعة”.
كلام قائد الجيش أمس، وما سبقه من مواقف أطلقها في مناسبات عدة، معطوفة على الجهد الميداني العسكري في الداخل اللبناني وعلى الحدود شمالا وبقاعا، والذي بات في عهدة الوسائل الاعلامية بعد إطلاعها على تفاصيله ومن المفترض أن يتم تظهيره بشكل واضح، يؤكد أن أزمة لبنان الحقيقية تكمن في الهوة السحيقة التي تفصل بين نهجين مختلفيّن، وبين من يضحي ويقدم الدماء والشهداء من أجل سيادة وأمن وإستقرار لبنان وحماية حدوده، وبين من يسعى الى إستغلال رخيص لتحقيق مكاسب سياسية أو طموحات رئاسية كانت ولا تزال بعيدة بُعد السماء عن الأرض.