إستعادت أزمة النزوح السوري صدارة المشهد السياسي على حساب كل الملفات الأخرى، وسط التفاف شعبي حول ضرورة إيجاد حلّ للنازحين المقيمين ولأولئك الداخلين عبر المعابر غير الشرعية هرباً من الضائقة الاقتصادية التي تعيشها سوريا.
توازياً، كان بارزاً التصعيد في المواقف الرسمية، لا سيما ما جاء على لسان وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال القاضي بسام المولوي الذي اعلن صراحة اننا “لا يمكن أن نبقى في حالة تراخٍ أو “تطنيش” حيال الوجود السوري في لبنان، فبلدنا ليس للبيع ولن نبيعه لقاء حفنة من المال”.
وفيما حضر ملف النزوح السوري وآخر تطوراته في اجتماع وزير العدل مع وفد الـ UNDP وفي جلسة لجنة الشؤون الخارجية النيابية التي انعقدت بحضور ممثلين عن وزارات الدفاع والداخلية والعدل اضافة الى المديرية العامة للامن العام، كان بارزاً الصمت المطبق للبنان الرسمي تجاه التصريحات الاخيرة للناطق الرسمي للإتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لويس ميغيل بوينو الذي جزم بأن “لا عودة للنازحين السوريين الى بلادهم في الوقت الحالي”، ودعا إلى “مساعدتهم في لبنان”
وفي سياق متصل، عبر مسؤول ملف النازحين في حزب الله النائب السابق نوار الساحلي عن امتعاضه واستيائه من موقف الاتحاد الأوروبي وكل الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية الذين يعملون على إبقاء النازحين السوريين في لبنان.
وقال: “يجاهرون بمساعدة سوريا ولكن حتى هذه اللحظة لم نر أي مساعدة لا مادية ولا معنوية”.
ولفت الساحلي الى ان “هناك شبه مؤامرة على لبنان وسوريا في الوقت عينه، ربما المراد منها افتعال مشاكل في لبنان نتمنى ان لا يكون هذا الامر صحيحاً”. وجزم ان “الحل الوحيد هو ان يتفق الجانبان اللبناني والسوري على مواجهة هذا المخطط الغربي والاممي والذي يأتي من المنظمات غير الحكومية. أي تضافر قوى الحكومتين اللبنانية والسورية”، مجدداً “دعوة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لزيارة سوريا ولقاء المسؤولين فيها من أجل انهاء هذا الملف”.
من جهة أخرى، تبرز كل يوم معطيات أمنية جديدة حول النازحين السوريين. فمن دخول البلاد خلسة الى إفتعال مشاكل فردية وجماعية يتخللها ضرب بالسلاح الأبيض بين أبناء الجالية الواحدة او مع اللبنانيين، الى امتلاكهم للسلاح من دون وجه حق، ما يعزز فرضية الخوف لدى المواطنين، أظهرت آخر الأرقام ان نسبة الجرائم المتنوّعة والكبيرة والتي يرتكبها السوريون باتت تفوق ٣٠% من نسبة الجرائم في البلاد.
اذاً، وسط تواطؤ خارجي وتقصير داخلي، يدحضه تقاذف للمسؤوليات بين المعنيين في ملف النزوح، وحدهم اللبنانيون يدفعون الثمن على مختلف الاصعدة. فهل من يستدرك الامور ويعمل على ايجاد طريقة تؤدي الى “انفراج” الازمة بدل “انفجارها”؟ ام ان البلاد ستكون امام مشهد الامن الذاتي في كل المناطق؟