مع سرد متماسك يمتد عبر السنوات ويربط بين الصدمات المتتالية والحزن العميق في إطار شخصيات معقدة وتملك الكثير من الأبعاد لفهمها بالكامل، يمكنك التنبؤ بأنك أمام مسلسل مبني على أحداث رواية تحمل نفس اسم مسلسل برايم الجديد «The Lost Flowers Of Alice Hart».
تدور أحداث المسلسل على مدار عقدين من الزمن، ويتتبع قصة «أليس» المولعة بالحكايا والكتب منذ صغرها وتكتشف في نهاية الطريق أن قصة حياتها هي الأكثر قوة وسحرا، حيث تنطلق الحكاية مع عائلة صغيرة يمرحون في حقل ما، بعيدا عن أي ضوضاء وعن أي شخص، تأخذ «أليس» ذات السنوات التسع في الإلحاح على والدتها «أغنس» لتروي لها قصة ولادتها مرة أخرى، وكيف جاءت للدنيا على عجالة من أمرها، وهناك يجلس والدها «كليم»، يقاسمهما الابتسامات والسعادة.
نقتحم عزلتهم، ونلقي نظرة عن كثب على تلك الصورة، حيث يبدو فيها كل شيء مثاليا، وقبل أن نمضي، سرعان ما تتلاشى تلك الصورة اللامعة، وتبدأ الكدمات في الظهور هنا وهناك، حتى تصبح الصورة ملطخة تماما. يملك «كليم» موهبة براقة في النحت ولكنه على الصعيد الآخر لا يكف عن إيذاء أسرته الصغيرة، يخاف أن يصيب ابنته مكروه ولكنها حين تعود سالمة يبرحها هو ضربا.
في علاقة تضج بالتناقض والفوضى تنشأ «أليس»، وتحاول أن تحب الحياة رغم كل شيء، وتبدأ العائلة في التفكك أكثر فأكثر حين تفقد «أليس» والديها وتكاد تفقد حياتها، تتزعزع الأرض من تحت قدميها، ومن هول الصدمة، تفقد النطق وتلازم الصمت والبكاء.
تذهب «أليس» مع جدتها «جون هارت» التي لم ترها مرة واحدة في حياتها إلى مزرعة ثورنفيلد، التي تسكن فيها «جون» وتوفر ملجأ داخلها لكل ضحايا العنف، ويشاء القدر أن يكبر ابنها ليصبح واحدا من الجناة، وبينما تعتنق «أليس» الصمت، تكتشف أن هناك لغة خاصة يتواصلون بها في ثورنفيلد عبر لغة الأزهار، حيث تعني كل زهرة جملة ما، وهناك قاموس كامل لتلك اللغة التي تجد فيها «أليس» ملاذها.
يملك المسلسل سحره الخاص، وتمتزج كل عناصر الطبيعة من ماء وهواء ونار وأزهار مع القصة، يتشابكون بطريقة لم نرها في أي عمل من قبل، وكأن المخرج يتعامل معها بصفتها بطلا حقيقيا للعمل وليست مجرد زائر ليضفي على اللوحة النهائية لمسة ساحرة، ويمثل عنصر النار على طول المسلسل ثورة الغضب الداخلية لـ «أليس»، ويمثل خوفها من نمط حياتها المذبذب بين التعنيف تارة والحنان تارة أخرى، لا تعلم أيهما ستلقاه اليوم.