حسان الحسن-
لا ريب أن قضية النزوح السوري إلى لبنان، تتصدر سواها من القضايا العالقة في هذا البلد، وسط حملة إتهامات متبادلة بين الأفرقاء في الداخل اللبناني، بالتواطؤ مع المجتمع الدولي لإبقاء النازحين في لبنان، خصوصًا ما تورده الحملة الإعلامية عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وإتهامه بالتقصير في وضع هذا الملف على سكة الحل المرتجى، بل "بالإنفصال عن الواقع". كذلك وصل الإشتباك الإعلامي المذكور و"الحملات المتبادلة" إلى داخل "البيت الحكومي"، تحديدًا بين وزيري الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، والمهجرين عصام شرف الدين، الذي اتهم الأول بأنه "وزير خارجية المجتمع المدني". كذلك يتهم حزبا القوات اللبنانية والكتائب وبعض "المعارضة" الحكومة السورية "بمنع عودة النازحين إلى ديارهم".
وعلى رغم خطورة الأوضاع الأمنية والإقتصادية والإجتماعية في البلاد، يستمر دخول عشرات آلاف النازحين السوريين إلى الأراضي اللبناني بطرقٍ غير شرعيةٍ، على إثر هبوط سعر صرف الليرة السورية في الأشهر الأربعة الفائتة. يضاف إلى ذلك، مصادرة الأجهزة الأمنية والعسكرية كمية من الأسلحة والذخائر من مخيمات النازحين السوريين على إمتداد الأراضي اللبنانية، خصوصًا في الشمال والبقاع. وازاء ذلك لم تبدّل الحكومات المتعاقبة منذ العام 2011 حتى اليوم في نمط علاقاتها مع السلطات الرسمية السورية، ولو تم ذلك على مصلحة لبنان العليا، إرضاءً "للمجتمع الدولي"، و حفاظًا مصالح الطبقة السياسية المرتبطة بالغرب.
فلم ترتق إدارة المصالح اللبنانية- السورية المشتركة إلى مستوى التعاون بين الحكومتين اللبنانية والسورية حتى الساعة، في ضوء ورود معلوماتٍ صحافيةٍ عن زيارةٍ قام بها المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري لدمشق، للبحث في الجهات السورية في حل قضية "النزوح"، بعد تلكؤ بو حبيب.
وتعقيبًا على ورد آنفًا، يستغرب مسؤول سوري رفيع لtayyar.org إتهامات الحكومة السورية بمنع عودة النازحين إلى بلدهم، مؤكدًا أن قضية النزوح إلى لبنان والأردن، تستخدم كورقة ضغطٍ على الدولة السورية، ولافتًا إلى تصريحات لمسؤولين أميركيين وأوروبيين، أعلنوا فيها بوضوحٍ "أنه لم يحن لعودة النازحين الى سورية، لأن الظروف غير ملائمة لذلك، بل أن الدول الأوروبية مددت مهل اللجوء السياسي على أراضيها".
ويؤكد المسؤول أن عودة النازحين الى ديارهم، تعني أن الأوضاع في سورية عادت الى ما كانت عليه قبل إندلاع الحرب الكونية على الأولى في ربيع 2011. ويجزم أن الدولة السورية لا يمكن أن تمنع أي مواطن سوري من العودة إلى بلده، بل سهلت تحقيق هذه العودة، بعد صدور قوانين العفو للم شمل السوريين، على حد تعبيره. بل عكس ذلك، يتهم المسؤول المذكور بعض الجهات اللبنانية المعادية لدمشق، بالإسهام في إبقاء النازحين في لبنان، خصوصًا الجهات المتماهية بالكامل مع السياسات الأميركية والأوروبية حيال سورية ومحور المقاومة.
الى ذلك، فإن هذه الجهات مستفيدة ماليًا من دعم "المجتمع الدولي " المخصص "للجمعيات" التابعة للجهات المذكورة، التي تعنى "بغوث النازحين". في الوقت عينه، لا ينكر المسؤول عدم جهوزية الدولة السورية اللوجستية لإستقبال النازحين، تحديدًا لعدم تمكنها لإعادة تجهيز البنى التحيتة، وغياب الدعم المالي المخصص لهذه الغاية، ولكن على رغم ذلك، لا تمنع الحكومة السورية عودة أي مواطنٍ الى بلده.
وفي هذا الإطار، يلفت الى أن المحور الغربي يمارس الضغوط على الدول العربية، لثنيها عن الإسهام في تمويل عودة النازحين لتمديد الأزمة السورية، والإمعان في الحرب على سورية، على حد قول المسؤول. كما يدعو "الحكومة اللبنانية إلى التنسيق المباشر مع الحكومة السورية، لتسهيل "العودة" المأمولة، عودة كل نازح الى دياره، وليس المكان التي تختاره له تركيا، كي يكون يشكل جدار فصلٍ عنصريٍ"، على حد تعبيره.
ويختم المسؤول السوري بالقول: "إن قضية النازحين لاتزال ورقة ضغط على سورية، يستخدمها الغرب، الذي يحاول إطالة أزمة النزوح قدر الإمكان، على رغم تمني غالبية الدول العربية ضمناً حل هذه القضية".