كل المعطيات المتوافرة تشير إلى أن حل أزمة الرئاسة مؤجل للعام المقبل، ما لم تطرأ تغيرات دراماتيكية. ففي المعطيات الداخلية، حزب الله ثابت على موقفه بدعم سليمان فرنجية، على الرغم من علمه اليقين بأن الفيتو الأميركي والسعودي يمنع وصوله، إضافةً إلى الإعتراض الداخلي الواسع. لكن قيمة هذا الرفض سياسياً تتمثل في أنه يفتح المجال لتجاذبٍ طويل الأمد، وبحثٍ في كل تركيبة السلطة في الولاية المقبلة بما يتخطى الرئاسة إلى الحكومة وبيانها الوزاري ورؤيتها. أما لدى الفريق المواجه لحزب الله، فثمة تمترُس في رفض فرنجية إلى جانب التقاطع لا بل الإلتزام بما يقرّره المعسكر الأميركي – الخليجي، وبالتالي جعل خيار العماد جوزف عون أولاً في لائحة الأسماء.
على أنَّ موازين القوى في مجلس النواب، لا تسمح لأحد بترف الإدعاء بحسم الأمور. وفي وقت تشير المعلومات إلى أن لبنان يبقى ثانوياً راهناً في الأولويات الأميركية المتجهة إلى تغطية التطبيع المتسارع بين إسرائيل والدول الخليجية، والتي تشمل أيضاً زيادة الضغط على النظام في سوريا، يبقى تمرير الوقت الضائع أفضل الخيارات وأسهلها. أما المبادرات الخارجية وتحديداً الحركة القطرية الفاعلة، فهي تمتلك الكثير من مقومات النجاح في بلد كلبنان اعتاد غالبية سياسييه على التزام التطلعات الخارجية وما يصاحبها من "كرم"، لكن مقومات نجاحها تكمن في مدى موافقة القوى الفاعلة على رؤية للحل وبالتالي على بحث الإسم المناسب.
في هذا الوقت، والذي يحمل معه الكثير من المخاطر، تبقى هواجس اللبنانيين منصبة على النزوح السوري. ذلك أن استمراره الكثيف يتقاطع مع ارتفاع نسبة الجرائم التي يرتكبها سوريون والتي باتت تتجاوز الثلاثين في المئة من الجرائم على الأراضي اللبنانية، في موازاة استمرار العثور على أسلحة في مخيمات من المفترض أن تضم مدنيين ونازحين من الحرب لا يبغون إلا السلام والأمان. وفي هذا الإطار، تتوجه الأنظار إلى كيفية تعامل قيادة الجيش مع ضبط هذا النزوح، وخاصة مسألة الحدود البحرية. ذلك أنه مع التصلب الأوروبي في تجاوزه سيادة لبنان وعدم إيجاده الحلول إلا عبر توطين النازحين ومحاولة دمجهم ولو بالقوة، لن يعود هناك خيار أمام اللبنانيين إلا فتح الحدود البحرية أمام هجرة النازحين إلى بلاد أخرى، أكبر مساحة وإمكانيات من البلد الصغير.
وفي هذا الإطار طالب وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسّام مولوي بعد إجتماع مع المحافظين ورؤساء البلديات "من كتاب العدل عدم تنظيم أي عقود لسوريين لا يملكون أوراقاً قانونية وكما يُطبق القانون على اللبنانيين سيتم تطبيقه على السوريين".
وفي السجالات ردت الوزيرة السابقة عناية عز الدين على تصريحات للنائب ستريدا جعجع مرتبطة بالحوار والإنتخابات الرئاسية، وقالت إنه لا "تستوي المقارنة بين ممارسة الحق الدستوري في الحضور أو الخروج من الجلسات النيابية وهذا حق، وبين من يعمد عن سابق إصرار وترصد على إنتهاج سياسة التدمير الممنهج والتعطيل للمؤسسات والسلطات الدستورية وفي مقدمها مجلس النواب إشباعا لأحلام ونزوات حزبك القديمة والمستجدة"، بحسب عز الدين.