سقط شهر ايلول رئاسياً كغيره من الاشهر بالضربة القاضية، بعدما طغت الرهانات بأنه سيحمل معه الرئيس العتيد، بسبب المبادرات التي رافقته من مسؤولين عرب وغربيين، من دون ان تؤدي الى اي نتيجة، على الرغم من العناوين الايجابية التي حملها مطلع الصيف، بأن الرئيس قادم الى بعبدا، لكن لا شيء من هذا تحقق، والرهان اليوم على تشرين المطوّق بزيارات الموفدين من دون بوادر ايجابية، وفق المثل الشائع:» المكتوب يقرأ من عنوانه»، لانّ الملف الرئاسي ما زال يراوح مكانه، ويبدو تشرين الاول سائراً نحو واقع مقفل ودروب رئاسية وعرة، لان لا شيء يبشّر بالخير، فلا اللقاءات الفرنسية – اللبنانية أنتجت شيئاً ولا اللقاء الخماسي، ولا القطرية – اللبنانية، اما الاجتماعات المرتقبة مع وصول الموفد القطري محمد الخليفي الى بيروت ، فلن يكتب لها النجاح وفق قراءة مصدر سياسي مراقب ، اعتبر أنّ الشغور سيكون ضيفاً ثقيلاً على الاستحقاق الرئاسي، وضمن مدة زمنية طويلة الامد ، لذا لا تراهنوا على اي مبادرة، وعلى الداخل اللبناني ان يسرّع في التوافق والتفاهم، لانّ لا حل إلا بالاتفاق والتحاور، وغير ذلك لا تأملوا خيراً.
وهذا يعني انّ المعضلة الرئاسية ستبقى ضمن خانة الرهانات الخارجية، البعيدة عن حلول الداخل، لانّ ليس لديها اي بارقة أمل بهذا الاتجاه، على الرغم من التحذيرات الخارجية التي تصل تباعاً الى المسؤولين اللبنانيين، بضرورة تحمّل مسؤولياتهم لانّ المساعي وصلت الى طريق مسدود، وستبقى تراوح مكانها ما دام التعنّت ما زال راسخاً في الداخل، اي سيبقى الوضع على حاله، فيما التداعيات الى تفاقم ولا أحد قادر على ردعها، فلا آذان صاغية للمسؤولين المتناحرين، الامر الذي سيؤدي الى غياب كليّ للاهتمام الدولي بلبنان، لانّ الجميع عندئذ سينفض يديه من هذا الملف المستعصي. لان الطروحات السابقة سقطت واعلنها بوضوح الموفدون، الذين زاروا لبنان منذ فترة وجيزة، اذ نادوا بالخيار الثالث لانه الحل الوحيد، وهذا أعلنه الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان خلال زيارته الاخيرة لبيروت، وأشار الى ان لا مانع لدى فرنسا من انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، في حال حظي بموافقة الجميع. وفي هذا الاطار تنقل مصادر سياسية عن ديبلوماسي عربي، أنّ الرياض تقول الكلام عينه، لكن النتيجة الداخلية سلبية لانّ العماد عون لا يحظى بموافقة كل الاطراف، فهنالك مَن قالها في العلن بأنه رافض لوصوله الى بعبدا، مما يعني انّ المعضلة لن تحل، ولن يكون هنالك خرق خلال زيارة الوزير الخليفي، لانها تحمل في طياتها الطرح الثالث، وما سُرّب من اسماء رئاسية على مدى ايام، بعيد عن ارض الواقع وفق ما ذكرت المصادر السياسية لـ « الديار»، لانّ من بين تلك الأسماء مَن عمل اصحابها على تسريبها، اذ لم يطرحها اي موفد، وفق ما ذكر البعض.
قطر والمهمة المستعصية
الى ذلك، ما زال الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني، يجري اتصالات بعيدة عن الاضواء، مع المسؤولين اللبنانيين المعنيين بالملف الرئاسي ، بناءً على تكليف مباشر من الامير تميم بن حمد آل ثاني، على ان يرفع تقريراً للأمير في ضوء المتغيرات في المواقف، فيما تشير المعطيات الى انّ المسعى القطري ما زال عالقاً ضمن دائرة من التعقيدات، بعدما فوجئ ابن فهد بحجم الانقسام السياسي والطائفي في لبنان، وسط معلومات أنّ هذه الخيبة قد تدفع بالخليفي إلى تأجيل زيارته.
الموقف الأميركي… والتوقيت المناسب
وفي الوقت التي تنشط فيه كل من قطر و فرنسا على الساحة اللبنانية، تظهر الولايات المتحدة عبر دبلوماسييها، ان كان في اللجنة الخماسية او عبر سفيرتها في لبنان، ان التحرك الأميركي الجدي لم يحن وقته بعد. ووفق مراقبين، فان الولايات المتحدة لديها اولويات، فهي تصب كل جهودها على الحرب الروسية الاوكرانية، كما انها تدعم حالياً التقارب السعودي الاسرائيلي والتطبيع بين الدولتين وما سيشكله هذا الأمر من تعديل كبير في مستقبل المنطقة والتغييرات الكبيرة التي ستحصل فيها، دون ان ننسى ان واشنطن وعبر اقمارها الصناعية والعسكرية رصدت كميات تجارية كبيرة من الغاز والنفط في بحر لبنان ومنطقته الاقتصادية. كل هذه العوامل تدفع واشنطن الى التريث في الملف اللبناني، اذ انها لا تريد ان يصل الى القصر الجمهوري رئيس قريب أو «يمون» عليه حزب الله في الوقت الذي يتوقع ان يكتشف ثروات في البحر اللبناني تعود على البلاد بالمليارات من الدولارات. لذا من الطبيعي الا يكون هنالك تحرك اميركي جدي حالياً لحل الازمة الرئاسية، ولكن دون ان تمانع واشنطن المبادرة القطرية والفرنسية الداعمة باتجاه الخيار الثالث.
«الثنائي»: لا يوجد لدينا plan b
في السياق يخطئ من يعتقد أنّ الثنائي الشيعي سيغيّر رأيه، ويتخلى عن دعم ترشيح رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه الى الرئاسة، وفق ما قال نائب في كتلة « التنمية والتحرير» لـ «الديار». واشار الى انّ موقفهم هذا سبق ان اعلنوه وأكدوا عليه ، خلال لقاءاتهم مع الموفدين العرب والغربيين الذين زاروا لبنان، لذا لا داعي للشك في هذا الامر، وهذا يعني انه لا يوجد لدينا ما يسمّى plan b وخلافاً لكل ما يردّده البعض ولأسباب معروفة بأنّ فرنجية سينسحب من المعركة، لان كل هذا بعيد عن الواقع، والفكرة غير واردة لديه على الإطلاق، لذا نطمئن هؤلاء بانه مصمّم على خوض الانتخابات الرئاسية.
باسيل والتسويق لخيار رئاسي جديد
وعلى خط «التيار الوطني الحر»، تلفت مصادره لـ» الديار» الى انّ النائب جبران باسيل سبق ان اعلن مراراً انه مع خيار رئاسي جديد، وهو كان حاسماً في هذا الامر، وقالها صراحة انه ضد وصول سليمان فرنجية الى الرئاسة، كما ضد وصول قائد الجيش، وسبق ان سار في الخط المعارض وصوّت للوزير السابق جهاد أزعور، لكن حين تأكد له صعوبة وصول الاخير الى بعبدا، اتجه نحو خيار جديد عنوانه التوافق، لذا فالانظار تتجه اليوم نحو مرشح يحظى بهذه الصفة.
مداهمة خيم النازحين في زحلة وضبط كمية من الاسلحة
موضوع النزوح السوري الثاني يحتل الصدارة على الساحة اللبنانية، بسبب تداعياته التي حملت معها العديد من الإشكالات والمخاطر، نظراً الى الكم الهائل لأعداد النازحين، الذين دخلوا لبنان عبر المعابر غير الشرعية، وفاق عددهم ثلاثة ملايين نازح ينتشرون في كل المناطق اللبنانية.
وفي الاطار الامني، قامت عناصر من أمن الدولة يوم امس بمداهمة احد مخيمات النازحين السوريين في سهل زحلة، وضبط كمية من الأسلحة و أسلحة الصيد وألبسة عسكرية وكاميرات، بعد توافر معلومات حول وجود كمية كبيرة من الأسلحة المخبّأة في سهل زحلة، على ان تتواصل هذه المداهمات في غيرها من المناطق.
توترات يومية وحراسة ليلية قيد التحضير
امنياً افيد عن توترات تحصل تباعاً، بين بعض اللبنانيين والنازحين السوريين كل ليلة تقريباً، آخرها ما جرى قبل ايام في مناطق النبعة وسن الفيل والدكوانة والشويفات وبرجا وعرمون، حيث سقط عدد من الجرحى بسبب خلافات تطورت الى ضرب بالسكاكين والعصي، الامر الذي يطلق المخاوف من انفجار أمني قابل للتمدّد الى مناطق اخرى، ما استدعى بعض البلديات والمخاتير الى إصدار بيانات تدعو الى ضبط الوضع، وتنظيم الوجود السوري وفق الاوراق الثبوتية، وترحيل المخالفين وكل من يقوم بالتعدّيات على المنطقة واهلها.
في غضون ذلك ، بدأت الدعوات في عدد من المناطق الكسروانية التي تحصل فيها تعدّيات وسرقات، ومن ضمنها منطقة أدما وبطلب من البلدية والاهالي، الى إعلان مشروع الحماية الذي يتضمّن إقفال بعض الطرقات الفرعية بعد التاسعة ليلاً، وفق ما افاد بعض الاهالي لـ «الديار» ، واشاروا الى دفع مبلغ من المال لتأمين المصاريف لمشروع الحماية والحراسة الليلية، وضبط الامن والنظام والحفاظ على السلامة، إضافة الى وضع كاميرات للمراقبة في الشوارع، وعلم بأنّ بلدة غادير التي تعاني من سرقة السيارات ستتجه الى هذا الخيار لانّ الوضع لم يعد يُحتمل.