ينسحب الاستعصاء الداخلي في مقاربة الملف الرئاسي اللبناني، وبخاصة بعد المعلومات عن تعثر مسار الحوار بين «التيار الوطني الحر» وحزب الله، على المساعي الخارجية. فهي وان تبدو ناشطة على الخط الفرنسي- القطري، الا انها في الواقع تُختصر بكونها «حركة بلا بركة» كما يؤكد أكثر من مصدر، الا ان مصادر متابعة لهذا الحراك قالت: ان التحرك الفرنسي – القطري قد يتوسع ليشمل «اللجنة الخماسية» بكامل اعضائها.
فيتوات مضادة!
وينتظر الجميع عودة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، والتي لم يُحدد موعدها بعد، لاعادة تحريك المياه الرئاسية الراكدة، اذ لم يرشح حتى الساعة اي شيء عن اجتماعه بوزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان. وتؤكد مصادر مطلعة لـ«الديار» ان «الموقف السعودي، وان كان لم يتغير منذ بدء الازمة الرئاسية، ومفاده ان على اللبنانيين ان يُحسنوا الاختيار والمملكة ستتعامل مع اي عهد جديد تبعا لأدائه، الا انه تبلور مؤخرا لجهة ارسال اشارات لعدم حماسة لتغطية ترشيح رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجيه، ما دفع لودريان الى الاعلان صراحة عن وجوب البحث عن مرشح ثالث غير فرنجيه والوزير السابق جهاد أزعور».
وتعتبر المصادر ان «الامور تعقدت اكثر بعد الموقف الفرنسي، لجهة ان حزب الله لم يستسغ ما حصل، وقرر بدوره رفع «فيتو» مضاد بوجه قائد الجيش العماد جوزيف عون، لعلمه بأن أزعور ورقة احترقت منذ مدة طويلة، بينما عون هو الورقة الفعلية التي تحظى بشبه اجماع غربي- خليجي وحماسة قوى المعارضة اللبنانية لها».
وتشير المصادر الى انه «من المرتقب ان يؤخر لودريان قدر المستطاع زيارته الى بيروت آملا في تبلور معطيات جديدة ، لان لا شيء في جَعبته سيطرحه الا اجتماعات ثنائية وثلاثية ، كانت قوى المعارضة عبّرت عن امكان ان تشارك فيها كبديل عن الحوار الوطني الموسع. لكن هذا الطرح ايضا قد لا يكون ميسرا ايضا في ظل اصرار «القوات» و«الكتائب» على عدم الجلوس مع حزب الله للحوار حول الرئاسة».
وتضيف المصادر: «اما الدور القطري فسيتبلور فعليا بعد اعلان انتهاء الدور الفرنسي وفشله، باعتبار ان كل ما فعله الموفد القطري هو لملمة اسماء قد تحظى بتوافق وجمعها في لائحة، من دون ان تكون لديه اي آلية للدفع بأحدها قدما باتجاه قصر بعبدا».
وبدا ما أعلنه يوم أمس عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق منسجما تماما مع ارتفاع حدة الكباش الرئاسي بين واشنطن وحزب الله، اذ تحدث بـ «فيتو خارجي على التوافق والتلاقي في لبنان، وهذا واضح تماماً في الموقف الأميركي، بحيث إنه ممنوع على اللبنانيين التلاقي والتوافق والجلوس معاً، وعندما دعت السفارة السويسرية إلى لقاء يجمع الأطراف اللبنانية، اعترضت أميركا، وتم إلغاء اللقاء».
واشار الشيخ قاووق الى إن «جماعة التحدي والمواجهة بمشاريعها الخاسرة والمغامرات غير المحسوبة وبإفشالها المبادرات والتوافقات، صارت عبئاً ثقيلاً على البلد، لأنها هي سبب كل هذه الأزمات، ولا تريد الحل».
انتخابات «سلسة»
هذا، وشهد لبنان يوم أمس انتخابات سلسة لـ «المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى»، وصادق مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على نتائج الانتخابات التي جرت في بيروت والمناطق كافّة.
وقال دريان إن الانتخابات هي «تأكيد أننا كنّا وسنبقى ملتزمين بالأنظمة والقوانين»، مؤكداً أن «دار الفتوى هي دار جامعة وحاضنة لكل العلماء والعاملين بالجهاز الديني، إضافةً إلى مهامها الوطنية الجامعة، وستبقى دار الفتوى دار الاعتدال والوسطية والانفتاح والحرص على وحدة المسلمين واللبنانيين جميعاً».
وتأتي هذه الانتخابات في وقت تحاول الرياض لملمة صفوف السنّة في لبنان، وهذا ما بدا جليا من خلال جمعها النواب السنّة مع لودريان وفي حضور المفتي في دارة سفيرها في بيروت. وقالت مصادر مطلعة لـ» الديار» ان «ما تريده المملكة رص الصفوف السنية، ورأب الصدع قدر الامكان بين القوى السنية الاساسية، من دون ان تحاول تزكية زعيم معين بديلا عن سعد الحريري»، مضيفة: «الانخراط السعودي الكلي في الساحة اللبنانية ولى عليه الزمن، فاهتمامات السعودية هي داخل المملكة اولا، ولتأمين مصالحها الخارجية، وكل مَن لم يفهم بعد هذه السياسة سيفهمها مع مرور المزيد من الوقت والاستحقاقات».
«عين الحلوة» تحت الاختبار
امنيا، وبعد نجاح البندين الاولين من الاتفاق، الذي ادى الى وقف الاشتباكات في مخيم «عين الحلوة» بين حركة «فتح» والقوى المتشددة، تترقب القوى اللبنانية والفلسطينية على حد سواء تطبيق البند الاهم المرتبط بتسليم المطلوبين بعملية اغتيال القيادي الفتحاوي اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه. وتقول مصادر «فتح» لـ «الديار»: «صحيح ان الامور تسير بوتيرة ممتازة لجهة تطبيق الاتفاق، وبخاصة بعد موافقة المتشددين على الانسحاب من المدارس، الا ان النقطة الاساس والتي لا يمكن ان نحيد عنها هي تسليم القتلة. ونحن لا نزال مقتنعين انهم سيراوغون ولن يسلموهم ، لان ذلك سيؤدي الى ضعضعة صفوفهم. كما اننا نخشى حقيقة ان يقدموا على تهريبهم خارج المخيم».
ومن المتوقع ان تستلم وكالة «الاونروا» اليوم الاثنين مجمع المدارس لتحدد الخسائر والاضرار، وتنطلق في اعادة الاعمار والترميم باطلاق العام الدراسي لـ١١ الف طالب فلسطيني ولو متأخرا.
مواجهات في اللبوة
امنيا ايضا، سجلت مواجهات يوم امس في منطقة اللبوة بين مسلحين من المنطقة والجيش اللبناني. واعلنت قيادة الجيش ـــ مديرية التوجيه في بيان، انه «بتاريخ 1/ 10/ 2023، أثناء احتجاجات في منطقة اللبوة على خلفية مقتل مواطن خلال تنفيذ حاجز ظرفي في بلدة العين بتاريخ 30/ 9/ 2023، قطع المحتجون طريق بعلبك – حمص الدولي. كما تعرضت الوحدة العسكرية المكلفة فتح الطريق للرمي بالحجارة».
ودعت قيادة الجيش المواطنين إلى ضبط النفس والتعاون مع التدابير الأمنية، واكدت أنها «باشرت إجراء تحقيق في جميع المجريات لكشف ملابسات الحادثة».