ما الأسباب التي جعلت السينما منذ انطلاقها فنا ثقافيا تشاركيا شعبيا؟ وما السمات المؤسسة لهذه الشعبية؟ ولم نلجأ إليها لمساعدتنا في فهم عالمنا، ونستدعيها لنعبر عن جانب من ذواتنا؟ وكيف هي علاقة الجمهور بقاعة السينما طقوسها ورموزها؟ وعلاقة تلك القاعة بعمران المدينة والمعنى الاجتماعي؟.. كيف تحدثنا الأفلام؟ وماذا عن أدوات ثابتة تستخدمها السينما لتطويع العلاقة مع جماهيرها والإبقاء عليها؟ وما أبرز الأشكال التي نتلقى بها الأفلام وكيف نتعاطى معها؟
هذه التساؤلات وغيرها يسعى عالم علم الاجتماع الفرنسي إيمانويل إيتيس رئيس المجلس الأعلى للتربية الفنية والثقافية ورئيس المعهد العالي لتقنيات العروض في فرنسا للإجابة عنها في كتابه «علم اجتماع السينما وجماهيرها» لتشكل إجاباته أداة مرجعية متميزة لعلم اجتماع الثقافة ولكل المهتمين بالسينما.
يؤكد إيتيس في كتابه، الصادر عن دار «معنى» والذي ترجمته سلمى مبارك الأستاذة بقسم اللغة الفرنسية وآدابها بكلية الآداب جامعة القاهرة، «أن قوة السينما العظمى اجتماعية، فهي تمنح كلا منا إمكانية ومتعة الحديث عن الأفلام التي نحبها أو نكرهها دون أي حرج، السينما، هذا الفن الذي يعتمد على التشارك مع الجمهور في الحيز العام، تسمح بإطلاق الأحكام والتعليقات ببساطة، فتسقط الحدود بين الخطاب العلمي وخطاب العامة، عرفت السينما كيف تخترع، مثلها في ذلك مثل العمارة، مفهوما للجلال تصل به إلى علاقة حميمية مع جميع مشاهديها، وذلك من خلال دمج قصصها المصورة مع صور واقعنا اليومي».