الإنتظار ثم الإنتظار، هو حال غالبية القوى السياسية اللبنانية التي اعتادت تلقي الأوامر، والإنكفاء من دون المبادرة. المأزق معروف وكذلك موازين القوى، لكن لا اتجاه لتحقيق خروقات داخلية، خاصة وأن الحوار الذي طرحه رئيس المجلس النيابي نبيه بري يشبه كل شيء إلا الحوار الحقيقي والهادف، فكان ميّتاً قبل أن يولد.
حزب الله ينتظر الثمن الذي يتوقع أن يدفعه الأميركيون، وواشنطن لا تريد راهناً دفع أثمان لا داعٍ لها. السعوديون كذلك غير مستعجلين، والفرنسي بات منتظراً للتحرك القطري والموقف السعودي بعدما اضُطر لتسليم راية الحراك الرئاسي، وهذا ما كان موضع بحث أمس بين وزير الخارجية السعودية وجان إيف لودريان.
في هذا الوقت يواصل الموفد القطري مشاوراته ولقاءاته، وسط تداول لبناني في الأسماء المطروحة، لكن من دون جدية كبيرة بسبب الإنطباع العام بأن الحركة المتسارعة وإن كانت تعكِس سعياً لإغلاق الملف الرئاسي، فإن توقيتها رهن بالقرار الأميركي والكلمة الفصل الذي سيُفصح عنها.
لكن الأكيد، أنه وإلى جانب القوى الفاعلة والمعروفة، لن يكون هناك رئيس من دون صوت المكوّن التمثيلي الذي يعكس التطلعات اللبنانية الذاتية لا غير، في الإصلاح المالي والإقتصادي واستنهاض البلد من أزمته، وإحداث تحولات جدية في إدارة النظام السياسي.
لكن في ظل الإنتظار الرتيب للدخان الأبيض الرئاسي، لا يمكن أن يعلو أي صوت فوق خطر النزوح السوري الذي يغيّر الديموغرافيا اللبنانية، ويخلق مجتمعاً رديفاً يطرد اللبنانيين ويهجرهم، في ظل الإحتلال الدولي للمنظمات وجمعيات المرتزقة. ومع ارتفاع الأصوات، والتحاق الكثير من القوى والشخصيات التي كانت في السابق تدافع عن النزوح غباءً أو ارتهاناً، بات المطلوب إجراءات عملية شعبية إلى جانب الرسمية.
وفي هذا الإطار واصل نواب التيار الوطني الحر وقياديوه تنبيه اللبنانيين إلى مخاطر النزوح ودعوة الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم، هذا في الوقت الذي سُجل فيه تطور هام لدى الأمن العام الذي حذّر الجمعيات والمنظمات غير الحكوميّة العاملة في مجال إغاثة ومساعدة النازحين السوريين، طالباً "الإمتناع عن ممارسة أي نشاط مخالف لمضمون التراخيص والأذونات الممنوحة"، ومؤكداً "اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين".
وعلى الخط المالي جدد حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري التأكيد خلال لقاء مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي أنّه "لن يتم طبع ليرة لتمويل الدولة ولا استكتاب سندات خزينة وتمويل الدولة بالدولار أمر غير وارد." وشدد منصوري على أن "الدولة لن تستطيع إعادة أموال المودعين قبل إعادة هيكلة المصارف".