يقول بعض السياسيين ممن خبروا التفاوض مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حول إستحقاقات معينة، أنه غالبا ما يكون التفاهم معه عصيّاً على النجاح، كونه يريد أن يأخذ كل شيء لنفسه، من دون أن يعطي أو يتنازل عن أي شيء، لذلك فإن أي توافق سبق وحصل معه كان إما بضغط محلي أو إقليمي أو دولي، أو أنه جاء لمصلحته.
يحاول جبران باسيل أن يتذاكى في الاستحقاق الرئاسي على حليفه حزب الله وعلى خصومه في السياسة، فيطرح مطالب فضفاضة تحتاج الى إجماع وطني، ويطلب حوارا حولها مع حزب الله الحريص على تفاهم “مار مخايل” طالما أن باسيل لم ينزع يده ولو شكلا منه.
يسعى باسيل الى تمرير الوقت الى حين إنتهاء ولاية قائد الجيش عله يرفع سيف ترشيحه المسلط على رقبته، ويعود ليطرح نفسه مرشحا مقابل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، خصوصا أن كل المواصفات التي يطرحها في خطاباته الكثيرة في الآونة الأخير تأتي “حفر وتنزيل” عليه.
كما يمارس باسيل التذاكي نفسه على المعارضة بمحاولة إقناعها بأنه ما زال الى جانبها في التقاطع على الوزير السابق جهاد أزعور، وبالرغم من عدم ثقة المعارضة به ولا سيما القوات اللبنانية إلا أنها تستخدم كلامه في معركتها مع الفريق الداعم لفرنجية، حيث يحوّل باسيل نفسه عن قصد أو عن غير قصد الى “حصان طروادة” لاستهداف الفريق الذي وقف الى جانبه وأوصل عمه ميشال عون وأوصله معه الى رئاسة الجمهورية.
يمكن القول، إن باسيل يتعاطى السياسة وفق قاعدة “هبّة باردة وهبّة ساخنة” وذلك نتيجة التخبط والتناقض اللذين يسيطران على حركته ومواقفه لدرجة أن بعض نوابه وقيادات تياره إشتكوا من عدم القدرة على فهم ماذا يريد، ما يجعلهم مربكين في مقابلاتهم وتصريحاتهم أمام وسائل الإعلام.
لا يختلف إثنان على أن الحوار الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري كان واضحا ولا لبس فيه، كونه يبدأ بحوار وينتهي بجلسات مفتوحة ومتتالية لإنتخاب رئيس للجمهورية، وربما كان ألدّ خصوم “الثنائي الشيعي” أصدق من باسيل حيث رفضوا دعوة بري منذ البداية وعملوا على محاربتها وإفشالها ضمن اللعبة السياسية، في حين رحب باسيل بها وشدد على ضرورة تلبيتها، ثم تراجع وطرح شروطا للمشاركة، ثم بدأ بإعطاء التوصيفات التي تمحورت حول: الحوار الجدي والمجدي، والحوار من دون رئيس ومرؤوس، والحوار الثنائي والثلاثي والجماعي، ثم الحوار الذي يجمع رؤساء الأحزاب، فعدم الركون الى الحوار التقليدي الخشبي والطاولات المستديرة، وكل ذلك يترافق مع تأكيد يومي بأن “لا بديل لنا عن الحوار”، ما يؤكد بما لا يقبل الشك بأن باسيل يمارس “الدجل السياسي” للالتفاف على هذا الحوار ذو الأهداف الوطنية الصرفة، ولا يحتاج الى أي توصيف آخر، علما بأن رؤساء الأحزاب قد يشاركون في حوار يدعو إليه رئيس الجمهورية بعد إنتخابه، أما حوار بري فهو حصرا بالكتل النيابية كونه مخصصا للبحث في الأزمة الرئاسية.
يقدم جبران باسيل النموذج الأسوأ في السياسة اللبنانية، كونه يمارس “النفاق” سواء في تأييده المبادرات المطروحة للحل ومن ثم الالتفاف عليها لتفشيلها، أو في ممارسته الابتزاز مع حلفائه وخصومه على حد سواء، أو في رغبته المضمرة بالوصول الى رئاسة الجمهورية وبالتالي قطعه الطريق أمام كل المرشحين.
أما قمة “النفاق” فيتجسد بالهجوم الذي يشنه باسيل يوميا على الموقع السني الأول بهدف ضرب هيبته ومصادرة صلاحياته وتعطيل عمله، ثم زيارته الى دار الفتوى لأخذ بركة مفتي الجمهورية!!..