صرخات أطفال ونساء ينازعون على قوارب الموت المتهالكة وجثث عائمة ومتحللة تغطي سطح البحر، لم تردع كل هذه المآسي التي حلت بأغلبية رحلات الهجرة غير النظامية المهاجرين من خوض هذه المغامرة المجهولة المصير هرباً من واقع سيء الى ما هو أسوأ.
لولا العناية الإلهية وجهود الجيش وعناصر الدفاع المدني الذين تدخلوا في الوقت المناسب، لكان لبنان امام كارثة جديدة فجر السبت حيث غرق مركب هجرة غير نظامي قبالة شاطئ شكا على متنه حوالي ٣٠ مهاجراً.
ليست هذه الحادثة الوحيدة خلال الايام القليلة الماضية، فعمليات الهجرة غير النظامية عبر البحر في شمال لبنان تنشط بشكل لافت يقابلها تحرك قوي للأجهزة الامنية التي تكثف جهودها وعملياتها الاستباقية للحد من هذه الظاهرة.
يشهد لبنان في الاونة الاخيرة حركة نزوح جديدة من سوريا الى لبنان عبر معابر غير شرعية، ابرزها من وادي خالد في شمال لبنان هرباً من الازمة الاقتصادية التي تشتد في بلادهم، فمنهم من يقع بقبضة الجيش ومنهم من يقع ضحية الالغام ووعورة المعابر، وآخرون ينقسمون الى قسمين قسم ينخرط داخل مخيمات النازحين في لبنان ومنهم من يتخذ من لبنان بوابة للرحيل عبر قوارب الموت الى اوروبا.
تقول مصادر متابعة: لبنان اليوم اسير “هجرة مزدوجة” مسؤول عنها عصابات منظمة تسهل عمليات تهريب السوريين من الداخل السوري عبر معابر غير شرعية الى لبنان بمبالغ تتراوح ما بين 100 و 600 دولار وتؤمن لهم المبيت الى حين انطلاق رحلة الهجرة غير النظامية عبر البحر الى ايطاليا التي تكلف الشخص الواحد ما بين 5000 و 7000 دولار وذلك بحسب اعترافات سوريين تم توقيفهم من قبل الاجهزة الامنية اللبنانية.
وتتابع المصادر: يعمل السوريون ايضا على تهريب القوارب التي تأتي من ارواد السورية ليتم تجهيزها على احد شواطئ الشمال التي تبدأ من العريضة عكار الى شكا حيث يستخدمها المهربون نقطة انطلاق نظراً لغياب رقابة الاجهزة الامنية عنها كسائر شواطئ لبنان الاخرى في بيروت والجنوب.
وترى المصادر: انه من الصعب السيطرة على الهجرة غير النظامية براً وبحراً نظرا للظروف الصعبة التي يعيشها المهاجرون في بلدهم حيث يفضلون الموت على العيش من ذاك الواقع المرير.
ورغم كل المطالبات والتحذيرات اللبنانية التي عبر عنها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رافعا الصوت امام الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك ومحذرا من تفاقم ازمة النازحين وامتداد خطرها من لبنان الى اوروبا، مؤكدا ومكررا مرتين أن “لبنان لن يبقى وحده بعين العاصفة”.