مفرح الشمري
التكنولوجيا التي نعيشها حاليا لا بد ان نستغلها ليس فقط في حياتنا وتسيير معيشتنا بل حتى في المسرح حتى نخرج من عباءة العروض التقليدية الى عروض تحمل بين طياتها أفكارا تتماشى مع التطور الذي ننعم به، لا بد من خلق فضاءات جديدة في المسرح ومهرجاناته التي تقام هنا وهناك، وعلى ما يبدو التغيير انطلق من الصين التي احتضنت أول مهرجان ميتافيرس مسرحي في العالم حمل عنوان «أبوالهول»، تصدى له المخرج المسرحي الصيني الشهير منج جينغوي، وقدمه في شهري أبريل ومايو من عام 2022، حيث قام بالتواصل مع مجموعة من مدن العالم وبالتحديد نيويورك وباريس وبرلين لتعزيز الحوارات الثقافية الدولية، وتقديم عروض مسرحية بتقنيات الميتافيرس.
وميتافيرس (Metaverse) تعني (ما وراء العالم) وكان أول استخدام لهذا المصطلح في رواية الخيال العلمي تحطم الثلج (Snow Crash) عام 1992 التي كتبها نيل ستيفنسون، حيث يتفاعل البشر كشخصيات خيالية مع بعضهم البعض ومع برمجيات، في فضاء افتراضي ثلاثي الأبعاد مشابه للعالم الحقيقي.
وهذا ما حدث مع المخرج الصيني منج جينغوي فعندما اطلق مهرجانه في بكين كان بمنزلة وليمة مرئية للعروض المسرحية المدعومة بأحدث التقنيات، وضم 65 مسرحية أتيحت للاستمتاع بها على الإنترنت ومن غير اتصال.
الجميل في هذا المهرجان ان كانت مادته أحد الإصدارات المصاحبة للدورة الثلاثين لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الذي انتهى قبل أسبوعين، حيث تصدى الكاتب المسرحي هايل علي المذابي لجمعها وترجمتها، حيث قال في مقدمته إن مقولة ان «المسرح أبو الفنون» صارت مستهلكة، وبما أن المسرح يقتضي التحديث، فوجب أن يكون المسرح «أبو التكنولوجيا»، ومن ثم يورد المؤلف القرائن والدلائل التي تؤيد وجهة نظره عن المسرح وانه أبو التكنولوجيا.
ويعرض الباحث المذابي لحوادث ووقائع عن ظهور الواقع الافتراضي منذ خمسينيات القرن العشرين، عندما طور «موتون هيليج» تجربة مسرحية شملت جميع الحواس بطريقة فاعلة وفي العام 1962 صمم نموذجا أوليا لجهازه الملقب بـ «سينسوراما»، وقام بتصوير خمسة أفلام قصيرة كان ينوي تقديمها للمشاهد بطريقة تشغل العديد من حواسه: البصر والسمع واللمس والشم، يسمح للمشاهد بأن يعيش تجربة من الانغماس البصري والسمعي في مشهد حقيقي تم تصويره مسبقا.
ويشدد الكاتب على القول: المسرح «أبو التكنولوجيا»، لا ينطوي على أي مبالغة ولا يعني أيضا أن المسرح «أبو التكنولوجيا» أي الذي يستخدم التكنولوجيا ويوظفها في حيثيات صناعته الفنية وإنما يعني أن المسرح هو الذي ابتكر التكنولوجيا وأسس لها عموما من خلال تلك النتاجات الإبداعية سواء الخيالية كما في مسرحية «إنسان روسوم الآلي»، للكاتب المسرحي التشيكي كارل تشابيك، أو واقعية كما في مسرحية المسرحي الفرنسي «آنتونان آرتو».
يعد كتاب مهرجان «أبو الهول» من الإصدارات المهمة في الدورة الثلاثين لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي وهو اول كتاب عن الميتافيرس المسرحي في العالم، ويعتبر أول مهرجان افتراضي بتقنية الميتافيرس، والذي يمثل أعلى قمة للتجريب المسرحي يبلغها الفن المسرحي في تاريخه ويمثل هذا الكتاب ايضا خارطة طريق لكل مؤسسة وفنان وباحث ومشتغل بالفنون والمسرح عموما ويمكن الاستئناس به فيما يتعلق بالصناعة المسرحية في سياقات الميتافيرس.
كلمات دلالية: المسرح المسرحي التكنولوجيا العالم الميتافيرس حيث مسرحية ان |