في لبنان مزيدٌ من المرواحة وتضييع الوقت، فزيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان لم تتعامل معها بإيجابية القوى السياسية المتمترسة خلف مواقفها، أما حركة الموفد القطري، الذي يُعوّل عليها بسبب علاقة الدوحة الوطيدة بواشنطن وطهران على السواء، فهي حركة لا تزال في بدايتها ولا وضوح بعد في أفق نتائجها.
لقد مهّد لودريان لمهمة قطر مع طرحه فكرة المرشّح الثالث، ومن المفترض أن تعمل الدوحة لهذا الطرح، فيما الاسم الثالث يبقى هو بيت القصيد مع ارتفاع عناوين الرفض من الجانبين كلّما طُرح اسم محتمل.
وفي هذا السياق، فقد شنّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل هجوماً عنيفاً على قائد الجيش جوزف، واتهمه بتسهيل دخول النازحين السوريين إلى لبنان واستثمار هذه الورقة في الحسابات الرئاسية، وذلك خلال جولة قام بها في عكّار برفقة رئيس الجمهورية السابق ميشال عون. هجوم باسيل المتكرّر على قيادة الجيش ينطلق من حساباته السياسية ضد عون، لكن في الوقت نفسه فهو يمعن بذلك في ضرب هيبة الجيش، فلا يصيب جوزيف عون وحده، بل كامل المؤسسة العسكرية، علماً أن الوزراء المحسوبين على باسيل يتغيّبون عن جلسات مجلس الوزراء ويعرقلون عمل الحكومة في اتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة موجات النزوح، أو لجهة تعيين المجلس العسكري ورئيس الأركان، وبالتالي يعرضون الجيش لمزيد من الاعباء.
وفي سياق متصل، فإن الحوار بين التيار الوطني الحر وحزب الله لا يبدو وكأنّه يسير بشكل منتظم وإيجابي، اذ ان التأجيل المتكرّر للاجتماعات بسبب انشغالات فردية وفق ما نقلت معلومات صحافية لا ينم عن جدّية في منح الطرفين الأولوية لهذا الحوار، ويبدو ألا اتفاق على الاستحقاق الرئاسي ولا على اللامركزية المالية الموسّعة.
عضو تكتّل “الاعتدال الوطني” النائب أحمد رستم جدد التأكيد أن “إنجاز الاستحقاق الرئاسي يبقى هو المدخل لحل كافة الأزمات، وانطلاقاً من هذا المبدأ فإن المطلوب خطاب تلاقٍ وانفتاح بدل الخطاب الحاد الذي لا يوصل البلاد إلى أي حل، أما ذهنية “تكسير الروس” غير مجدية وتُعقّد الوضع”.
وفي حديث لجريدة “ألأنباء” الإلكترونية، ذكّر رستم بأن “إيران والسعودية، قوتان إقليميتان، تنازلتا من أجل شعوبهما وتحاورتا وتوافقتا، فلماذا رفض الحوار في لبنان ورفع سقوف التحدي؟ جربنا كافة أنواع الأزمات والفراغ الرئاسي ضمناً واكتشفنا أن لا بديل عن الحوار والتوافق”.
وعن حركة الموفد القطري المرتقبة على خط الملف اللبناني، أمل رستم أن تستطيع الدوحة جمع الأطراف على مبدأ التوافق.
إذاً، ورغم الدعوات العقلانية للحوار والتلاقي، إلّا أن شيئاً لم يتغيّر على صعيد المواقف العامة، والأنظار ستكون شاخصة الى حركة الموفد القطري علّها تأتي بالنتائج المرجوة.