لم تكن بربارة نصّار التي شُخّصت بسرطان الثدي عام 2009، واستسلمت لمرضها بعد نضال طويل في عام 2014، تتخيّل بأن زوجها هاني نصار سيتمكن من متابعة مسيرتها وتحقيق أحد أهم أحلامهما بتأسيس جمعية "بربارة نصار" لمساعدة مرضى السرطان في لبنان. وسيجهّز مبنىً ضخم لاستقبال آلاف مرضى السرطان وتقديم جميع الخدمات الاستشفائية والاجتماعية والنفسية لهم.
بعد تأسيس جمعية بربارة نصار عام 2014، المُخصصة لدعم مرضى السرطان من خلال مساعدتهم معنويًا ونفسيًا وطبيًا عن طريق تأمين الأدوية التي يحتاجون إليها مجانًا، سعت إلى تحسين ظروف علاج المرضى، وتوفير الدعم المعنوي لهم بشكل يوميّ. وتمكّنت الجمعية التي يترأسها هاني نصار، من لعب دور مهم في حياة آلاف المرضى خصوصًا بعد انقطاع أدوية السرطان في لبنان. فسعى نصار إلى الوقوف إلى جانبهم والعمل على تأمين الأدوية من خارج لبنان.
لم تكن أحلام هاني نصار محصورة بتأسيس الجمعية فقط، إذ كرّس حياته للعمل على مساعدة مرضى السرطان في لبنان، ونجح في تجهيز مبنى ضخم في منطقة الأشرفية، أطلق عليه اسم "مركز بربارة نصار لمرضى السرطان"، BARBARA NASSAR CANCER CENTER FOR SUPPORTIVE CARE.
خدمات المركزفي زيارة "المدن" لمركز بربارة نصار، أكد رئيس الجمعية، هاني نصار، أن آلاف المرضى سيتمكنون من الحصول على عشرات الخدمات في هذا المبنى الذي خُصّص لخدمتهم فقط. المبنى الضخم في منطقة الأشرفية، يتألف من 4 طوابق وعشرات الغرف.
في الطابق الأول، سيقدم عشرات الأطباء المتخصصون في مرض السرطان جميع الخدمات الاستشفائية التي يحتاجها المريض. هو عبارة عن مستوصف، سيضم العديد من العيادات الطبية، حيث من المتوقع أن يصل عددها إلى 8 عيادات، وستضم كل عيادة حوالى 4 أطباء متخصصين لمساعدة جميع مرضى السرطان. وأيضًا، ستحدد بعض الغرف للتصوير الشعاعي، وإلى جانبها صيدلية ضخمة لتقديم الأدوية، على أن تكون المعاينات الطبية شبه مجانية، أي بأسعار رمزية، أما الأدوية فستقدم من دون أي مقابل.
علاج بالفنونأما في الطابق الثاني فالخدمات المتوفرة عبارة عن صفوف ترفيهية للمرضى، للتخفيف من معاناتهم النفسية وأوجاعهم الجسدية، أي ستعطى لهم بعض الحصص عن الرياضة البدنية، وصفوف للموسيقى، علاج بالفنون، تمارين اليوغا، صفوف لتدريب المرضى على التنفس الصحيح، وتمارين رياضية مخصصة للمرضى، رياضة الزومبا، إضافة إلى غرف لتقديم العلاج النفسي للمرضى بمساعدة متخصصين في هذا المجال، وغرف تهتم بالتجميل للنساء المصابات بالسرطان، حيث سيتمكن من الحصول على بعض الخدمات التجميلية كتصفيف شعرهن والاهتمام ببشرتهن وبمظهرهن الخارجي. كما ستخصص بعض الغرف لاجتماع المرضى للتلاقي واحتساء القهوة والتحدث".
مساحات للمحاضرات والتلاقيحُدّد الطابق الثالث لاستقبال طلاب المدارس والجامعات وجميع المهتمين، لتقديم المحاضرات حول مرض السرطان، وحلقات توعوية للحفاظ على الصحة الجسدية، إلى جانب معرض لتثقيف الطلاب حول تفاصيل مرض السرطان وسبل الوقاية ومراحل العلاج منه، كي يحصل جميع الطلاب على المعلومات الكافية المتعلقة بمرض السرطان، إضافة إلى غرف ستخصص لإقامة المؤتمرات فيها.
أما في الطابق الرابع فمساحات لتلاقي المرضى، بعضها للاجتماعات، وأخرى لإعادة تأهيل المرضى، وتعليم من يرغب المهن الصناعية والحرف، عن طريق دورات مكثفة لصناعة بعض المستلزمات التي يحتاجها مريض السرطان بعد إجراء عملياته الجراحية ولكنها غير متوفرة في لبنان. على سبيل المثال الوسادة التي تحتاجها مريضات السرطان لوضعها تحت الإبط بعد عملية جراحية للثدي. والمرحلة الثانية شراء هذه المستلزمات من المرضى وبيعها.لستم وحدكملهدف الأساسي من تجهيز هذا المركز هو لتخفيف الحالة النفسية للمرضى، وأن يكون بيتًا مريحًا لجميع مرضى السرطان، ليتأكدوا بأنهم لا يواجهون المرض وحدهم. ووفقًا لكلام نصار في حديث لـ"المدن"، فإن "جمعية بربارة نصار تمكنت من مساعدة أكثر من 3500 مريض سرطان، أما قيمة الأدوية التي قدمتها الجمعية للمرضى فبلغت حوالى 5 مليون دولار أميركي. وقريباً، سيشارك نصار في مؤتمر دولي يتمحور حول مؤسسات السرطان في العالم، يقام في الولايات المتحدة الأميركية. ويعتبر نصار بأن مشاركته في هذا المؤتمر مهمة جدًا، وسيعمل جاهدًا على لقاء الجالية اللبنانية هناك من أجل تأمين التمويل اللازم للمركز الجديد.
في نهاية شهر أيلول الجاري، تنطلق الأعمال في المشروع، على أن تُفتتح أبوابه للمرضى في شهر شباط المقبل عام 2024.وسيكون واحة تؤمن الدعم المطلوب لمرضى السرطان وتؤكد لهم انهم ليسوا وحدهم في مواجهة ذاك "الخبيث".