لا يعني مغادرة الموفدين الدوليين لبنان، وآخرهم الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان، وتأجيل آخرين زيارتهم، وآخرهم وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد عبد العزيز الخليفي، وسفر المسؤولين اللبنانيين إلى نيويورك للمشاركة في الإجتماعات السنوية للأمم المتحدة وأبرزهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين في حكومته عبد الله بو حبيب، لا يعني ذلك كلّه بأنّ الملف اللبناني قد وُضع على الرفّ، وأنّه أُرجىء البحث به إلى موعد لاحق.
فالمعلومات الآتية من نيويورك تشير إلى العكس ولا تبشّر بالخير، وتفيد بأنّ الملف اللبناني كان حاضراً في مناقشات ولقاءات وتصريحات مسؤولين عرب وأجانب معنيين بالملف اللبناني، لكنّ هذا الحضور لم يعطِ إشارات تفاؤل إلى قرب حلحلة الأزمات اللبنانية، وعلى رأسها إستحقاق رئاسة الجمهورية، إضافة إلى إستحقاقات أخرى مرتبطة به ولا تقلّ أهمية عنه، يأتي على رأسها الوضعين المالي والإقتصادي المأزومين، إضافة إلى وضع النّازحين السّوريين في لبنان.
أبرز إشارة سلبية في هذا الصدد جاءت على لسان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي كشف، لأوّل مرّة وعلناً في كلمة له ألقاها من على منبر الأمم المتحدة، وجود تباين بين أعضاء اللجنة الخماسية المعنية بلبنان (التي تضم فرنسا، الولايات المتحدة، مصر، السّعودية وقطر) ، وتحديداً بين فرنسا والولايات المتحدة التي اعتبرت بأنّ المقاربة الفرنسية للأزمة اللبنانية “غير مستقيمة”، ما أدّى إلى عدم إصدار أيّ بيان عن لقاء اللجنة المذكورة التي عقدت يوم أمس إجتماعاً في مقر البعثة الفرنسية في مقر الأمم المتحدة، وهو تباين (كشفت عنه أوساط صحافية قبل ذلك) يُخشى أن ينعكس توتراً سياسياً وأمنياً في لبنان، وانهياراً مالياً إضافياً، الذي اعتاد أن يكون ساحة لتصفية وتفجير الخلافات الخارجية على أرضه، وأن يُعيق هذا التباين عمل اللجنة الخماسية التي يُعوّل عليها كثيرون في لبنان، ويعلقون عليها الآمال لإيجاد مخارج للأزمات التي تتراكم يومياً.
وزاد من نِسب التشاؤم والقلق المحدقيْن بلبنان ما حذّر منه الشيخ تميم من أنّ “الخطر أصبح يُهدّد مؤسسات الدولة في لبنان”، بعد الفراغ في سدّة رئاسة الجمهورية منذ أكثر من 10 أشهر ونصف، وفي ظلّ حكومة تصريف أعمال لا تستطيع القيام بما يتوجب عليها القيام به، وفراغ في رأس حاكمية مصرف لبنان، والشّلل الذي يحاصر مجلس النواب وبقية مؤسّسات الدولة، والفراغ الأمني الخطير المنتظر في قيادة الجيش مطلع العام المقبل، وفي قيادة قوى الأمن الداخلي في شهر أيّار من العام المقبل، ما جعل الشيخ تميم الذي دقّ ناقوس الخطر بشكل غير مسبوق ينبه من الخطر الداهم ويدعو إلى “حلول سريعة تنقذ لبنان من الأزمة وضرورة إيجاد حلّ للفراغ الرئاسي، وضرورة تشكيل حكومة قادرة على تلبية آمال الشعب”.