لم يتمكن الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان من تحقيق أي خرق في جدار الازمة الرئاسية الراهنة. جلّ ما استطاع الرجل القيام به تمثل بنعي المبادرة الفرنسية الاصلية التي كان قد طرحها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يوم زار بيروت بعد فاجعة انفجار المرفأ.
امر واحد نجح لودريان في تأكيده، هو ان لا بديل عن الحوار بين مختلف المكونات، فظهر كلامه كجرعة دعم وتأييد لطرح رئيس مجلس النواب نبيه بري الداعي لعقد حوار لمدة أسبوع تليه جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية، يلاقيه بذلك ايضاً دعم الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للفكرة عينها.
غير ان الموفد الفرنسي، والذي يدرك جيداً حجم التأزم على الساحة اللبنانية، خاصة وانه اصطدم بممانعة بعض الافرقاء عن الإجابة على ورقة الأسئلة التي طرحها، استبدل “الحوار” الذي قد يكون فضفاضاً في بعض الأحيان، بالدعوة الى التشاور وتبادل الأفكار من اجل الوصول الى حل.
توازياً، وبالتزامن مع اللقاءات التي اجراها لودريان والتي لم تحمل تغييراً في المواقف، جاء لقاء رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد مع المبعوث الفرنسي، ليؤكد بما لا يحمل التأويل ان لا مرشح لدى الثنائي الشيعي سوى سليمان فرنجيه. وهو ما أكده رعد لكل من قائد الجيش جوزيف عون ولرئيس تيار المرده نفسه الذي التقاه على مأدبة غداء منذ يومين.
وعليه، فإن كل محاولات مدعي السيادة بالتهويل وبترويج ان لودريان طرح مبادرة تتضمن اسماً جديداً بعيدا عن اسمي سليمان فرنجيه وجهاد ازعور باءت بالفشل واظهرت عمق ارتهانهم للخارج على حساب المصلحة الوطنية. لا سيما وان المبعوث الفرنسي هو مجرد وسيط يسعى للمساعدة في حل الازمة اللبنانية وبالتالي لا يحق له ان يرشح او يمنع ترشيح او يسحب ترشيح احد.
الى ذلك، لا يجب ان يغيب عن ذهن البعض ان جهاد ازعور قد سقط كمرشح سياسي منذ الجلسة الأولى التي طرح فيها اسمه نتيجة تقاطع ظرفي مصلحي هش، كرس سليمان فرنجيه مرشحاً وطنياً ينطلق من ٥١ صوتاً يتوزعون على مختلف الطوائف، ناهيك عن ان ازعور ابدى عدم اهتمامه باستمرار ترشيحه لرئاسة الجمهورية وعاد الى ممارسة عمله في صندوق النقد الدولي.
وكي لا ينسى احد، في ظل تطبيق اتفاق الطائف، والذي يعلن الجميع دائماً تمسكهم به، فإن رئيس الجمهورية لا يقدر ان يحكم بشكل فعال الا بالتعاون مع السلطتين التنفيذية والتشريعية. اضف الى ان نجاح أي حكم يعتمد على مدى الاستقرار السياسي الذي يرافق فترته، الامر غير المتوفر في ظل التجاذبات السياسية الراهنة.
انطلاقاً من كل ما ورد، يبقى سليمان فرنجيه المرشح الأكثر جدية، و الوحيد القادر على التواصل مع مختلف المكونات على الساحتين الداخلية والخارجية. واذا ما اردنا التكلم باللغة التي يعتمدها بعض السياديين الجدد، لأمكننا القول انه “مسيحي ٢٤ قيراط”، وطني، عربي وعروبي، يشهد تاريخه على مدى ولائه لوطنه وأهله.