حثت لجنة من الخبراء العالميين، الحكومات، على وقف الجهود المبذولة للهندسة الجيولوجية “الجيوهندسة” لمناخ كوكب الأرض، بسبب المخاطر التي ينطوي عليها التلاعب بالمناخ العالمي بطرق لم يتوصل العالم لفهم كامل عنها بعد، مع استمرار ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة وتفاقم أزمة المناخ، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 14 ايلول 2023.
وتعتبر الجيوهندسة (الهندسة الجيولوجية) مثيرة للجدل إلى حد كبير، لكن المناقشات حول جدواها تتسارع مع سيطرة تأثيرات الطقس المتطرف، الناجم عن انهيار المناخ، على الكوكب، حيث لا يوجد اتفاق عالمي بشأن الهندسة الجيولوجية، ولا توجد قواعد بشأن ما تستطيع البلدان أو الشركات فعله في هذا الصدد.
وفي تقرير نُشِر، يوم الخميس 14 أيلول، دعت لجنة التجاوز المناخي، الحكومات، إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وتخصيص المزيد من الموارد للتكيف مع تأثيرات الطقس المتطرف، والبدء في استخدام التقنيات لإزالة ثاني أكسيد الكربون، مثل احتجاز الكربون وتخزينه، واحتجاز الكربون مباشرةً من الهواء.
وبحسب التقرير، ينبغي للحكومات أيضاً أن تسمح للأكاديميين بدراسة إمكانيات الهندسة الجيولوجية، لا سيما في إدارة الإشعاع الشمسي، التي تنطوي على محاولة تقليل كمية ضوء الشمس التي تصل إلى سطح الأرض، على سبيل المثال من خلال تبييض السحب لتكون أكثر انعكاساً، أو وضع مرايا في فضاء.
لكن حذرت اللجنة من أنه لا ينبغي للحكومات الشروع في تنفيذ أي من هذه الأنشطة بسبب المخاطر التي ينطوي عليها التلاعب بالمناخ العالمي بطرق لم يتوصل العالم لفهم كامل عنها بعد.
بدروه قال باسكال لامي، الرئيس السابق لمنظمة التجارة العالمية، الذي ترأس لجنة التجاوز المناخي، إنه “ليس من المحتم” أن يتجاوز العالم عتبة 1.5 درجة مئوية، وهو الحد الأقصى لدرجات الحرارة العالمية الذي وافقت عليه الحكومات، لكن الاحتمال يتزايد. وأضاف: “الأمر يعتمد على ما نفعله”.
لكنه حذر من أنَّ العالم لا يمكنه تجاهل إمكانية استخدام الهندسة الجيولوجية، حيث يمكن لبعض الدول البدء في إجراء دراسات بشأنها وتجربتها بنفسها. وقال: “هناك نقاش دولي متزايد حول إدارة الإشعاع الشمسي. لكن الخطر يكمن في العواقب غير المقصودة والعواقب العابرة للحدود. والعلماء لا يستطيعون تحديد ما إذا كانت إدارة الإشعاع الشمسي آمنة أم لا، ويجب تطبيق المبدأ الاحترازي”.
تتضمن إدارة الإشعاع الشمسي محاولة تقليل كمية ضوء الشمس التي تصل إلى سطح الأرض
تتضمن إدارة الإشعاع الشمسي محاولة تقليل كمية ضوء الشمس التي تصل إلى سطح الأرض
وحثّ لامي جميع الحكومات على اتخاذ قرار أحادي الجانب بشأن الحظر، بدلاً من انتظار اتفاق عالمي بشأنه. وقال لصحيفة الغارديان في مقابلة: “أنا لا أقترح عقد مؤتمر دولي كبير، فهذا، من تجربتي، سيستغرق الكثير من الوقت”.
وتابع لامي أنَّ الأبحاث الأكاديمية حول إدارة الإشعاع الشمسي يجب أن تكون مشتركة ومفتوحة وشفافة.
والهندسة الجيولوجية مصطلح يمكن أن يشمل كل شيء، بدءاً من إعادة تشجير مساحات كبيرة من الأرض لامتصاص المزيد من الكربون، إلى طلاء أسطح المنازل باللون الأبيض لتكون أكثر انعكاساً، أو زرع المحيط بالحديد لتعزيز نمو العوالق وامتصاص المزيد من الكربون.
وتتشكل لجنة التجاوز المناخي من مجموعة من كبار الدبلوماسيين السابقين وخبراء السياسة والعلماء، بما في ذلك لورانس توبيانا، الدبلوماسي الفرنسي السابق الذي كان أحد المهندسين الرئيسيين لاتفاق باريس. وركزت اللجنة على إدارة الإشعاع الشمسي لأنه أحد أكثر الأفكار خطورة وإثارة للجدل.
في السياق، قال مارك ماسلين، أستاذ علوم نظام الأرض في جامعة كوليدج لندن، الذي لم يشارك في اللجنة، إنَّ العديد من العلماء لديهم مشاعر قوية تجاه الهندسة الجيولوجية.
وأضاف: “إنَّ [جهود] إدارة الإشعاع الشمسي هي تجارب خطيرة، وستتسبب في تغير مناخي لا يمكن التنبؤ به؛ لأنَّ توزيع الطاقة الشمسية عبر الأرض هو ما يخلق مناخنا الديناميكي”.
ماسلين أكد: “هناك حاجة إلى حظر دولي قوي ضد إدارة الإشعاع الشمسي، لضمان عدم توجه أية دولة أو شركة لمحاولة إصلاح التغير المناخي بما يؤدي إلى عواقب وخيمة”.