يُزرع في لبنان عدد كبير من الورود ومنها الجيربيرا والمنتور والجيبسوفيل والليلوم والليس وغيرها. وهذه الورود تعدّ الأقل تكلفة عن غيرها عكس الورود الحمراء التي باتت تُسعّر بأسعارٍ خياليةٍ.
وغالبًا ما يشكو المزارعون من إرتفاع في كلفة الزراعة بسبب غلاء أسعار البذور والمواد الكيميائية التي تُدفع بالدولار، يليها أزمة الكهرباء التي تؤثر بشكل مباشر على قطاع الورود، لاسيّما مع استخدام البرادات.
وإزاء هذا الواقع، يجد المزارعون أنفسهم أمام المعادلة الأصعب التي تجبرهم على استمرارية العمل في ظل أزمة ماليةٍ إستثنائيةٍ تحلّ على البلاد.
ولطالما ارتبط إنتعاش قطاع الورود بالمناسبات الكبيرة مثل الخطوبة والزفاف وعيد الحب وعيد الأم، ليجدّد شبابه مع كلّ مناسبة جديدة، رغم الوضع المعيشي الصّعب.
فكيف يبدو القطاع هذا العام وما الذي يحتاجه قطاع الورود ليستعيد قواه؟
يا ورد مين يشتريك
عندما غنّى الرّاحل محمد عبد الوهّاب “يا ورد مين يشتريك” لم يكن على دراية بأنّ بائع الورود في لبنان سينده بالعبارة نفسها ويسأل نفسه: يا ورد مين قادر بعد يشتريك؟ لاسيّما مع دولرة القطاع وشراء جميع أنواع النباتات والازهار بالدولار.
وبعد جولةٍ قامت بها الدّيار، تبيّن لها أنّ أسعار الورود إرتفعت لتصبح على الشكل التالي:
• باقة الورود الحمراء (100 وردة) بـ 60 دولارا
• باقة ورود حمراء وزهرية (100 وردة) بـ56 دولارا
• صندوق زهور وردي 70 دولارا
• الشذا الملكي 60 دولارا
• باقة الـ12 وردة بـ46 دولارا
• نبات الكالانسو الوردي بـ20 دولارا
• باقة الإحتفالات بـ70 دولارا
إنخفاض في الأسعار
تسعى المحال إلى تقديم أسعار تلائم القدرة الشرائية المحدودة للزبائن. وقد انخفضت أسعار الورود بحسب مصادر الدّيار إلى 50% إذا ما احتسبت بالدولار مقارنة بعام 2019 أي قبل بدء إنهيار الليرة اللبنانية.
وحثّت الأزمة أصحاب محال الورود على اللجوء إلى الإنتاج المحلي، وانخفضت بالمقابل نسبة الورود المستوردة بسبب عدم قدرة التجار على تسديد ثمنها بالدولار.
واستغنى الكثير من أصحاب المشاتل عن زراعة الزهور، بحسب نيكولا (يملك مشتلًا للزهور في كسروان)، حيث قلص عدد حقوله المزروعة بسبب الأوضاع الاقتصادية. ولذلك، يقول إنّنا كنّا سابقًا نعتمد على استيراد البذور، أمّا الآن فأصبحنا نقوم بهذه العملية في حقولنا ما أثر على نوعية الإنتاج.
إنتاج الورد المحلي يكفي حاجة السوق
في حديثٍ خاصٍ للدّيار، يؤكد صاحب محلّ الورود حسن طقّوش، أنّ إنتاج الورود في لبنان يكفي السوق المحلي. ويفيد بأنّ هذا العام كان الأوفر حظًا من حيث المبيع، لاسيّما بعد القضاء على فيروس كورونا. وهذا الأمر بات واضحًا في عيد الأم مع أول بدء فصل الربيع، بحيث زادت نسبة المبيع لديّ 30 % عن السنوات السابقة.
ويشير طقّوش إلى أنّ الوردة ولو باتت بدولارين ولو أصبحت بـ5 دولار، فهي هدية لا غنى عنها.
أين المشكلة؟ المشكلة أنّ الإنتاج الزراعي غالبًا ما يكون مدعومًا من القطاع الزراعي، لكنّنا لا نرى المشهد ذاته في قطاع الورود.
يقول صاحب مشتل في الدكوانة، أبي الحسن للدّيار، إنّنا لا نلمس دعمًا أبدًا من الوزارة، متأسفًا أنّ أكثر من نصف المزارعين في البقاع تركوا القطاع وأقفلوا ابوابهم.
وطالب أبو الحسن بدعم كلفة الشحن وكلفة الإنتاج من قبل الدولة وجميع المعنيين. وقال: إذا زرتم سهل البقاع، أكثر من 80% من العمالة هي عمالة سورية وهذا التهديد بات واضحًا لمصير قطاعنا.
الزراعة احد أكبر مصادر العمل للاجئين السوريين
وفقًا لمفوضية اللاجئين، تعتبر الزراعة واحدة من القطاعات القليلة التي يمكن للاجئين السوريين العمل فيها بشكل قانوني في لبنان، وكانت ثاني أكبر مصدر للعمالة السورية في العام الماضي بعد البناء، وفقًا لدراسة أجرتها الأمم المتحدة عام 2018.
ويستضيف وادي البقاع، والذي يعد قلب لبنان الزراعي، الحصة الأكبر (37.5%) من اللاجئين السوريين المسجلين في البلاد والبالغ عددهم 916,000 لاجئ مقارنة بأي منطقة أخرى، مما يوفر للأسر الضعيفة فرص عمل حيوية.
وبحسب تقريرٍ نشرته الأمم المتحدة، باتت تجارب زراعة الورود ملهمة لليد العاملة الأجنبية لاسيّما للاجئ السّوري المتخصص في زراعة الورود.
فهل من منقذٍ لهذا القطاع؟ وماذا لو لم يعد المواطن اللبناني باستطاعته لا زراعة ولا إستيراد ولا شراء الوردة؟