يزداد المشهد في مخيم عين الحلوة تأزما وتعقيدا في ظل تعذر الوصول الى الحلول الجذرية للفلتان الأمني الحاصل، حيث لم تكد جولة العنف الاولى تنتهي حتى بدأ الحديث عن الجولة الثانية التي إندلعت قبل أيام ويبدو انها ستكون طويلة في ظل إنهيار قرارات وقف إطلاق النار تباعا وإنسداد افق التوافق على صيغة نهائية للتهدئة.
وفي حال نجحت المساعي المبذولة التي يشارك فيها القيادي الفلسطيني عزام الأحمد الذي يصل اليوم الى لبنان للقاء المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين، فإن العد العكسي سيبدأ حتما لإنطلاق الجولة الثالثة، وبالتالي سيكون على أهالي صيدا ان يعدوا جولات العنف داخل المخيم والتي من شأنها أن تقضي على اقتصاد عاصمة الجنوب وسياحتها وتعطل مؤسساتها وتمعن في تشويه صورتها خصوصا في ظل المحاولات الحثيثة الرامية الى استدراج مكونات صيداوية وكذلك الجيش اللبناني الى تلك الجولات.
لذلك، يبدو الصراع القائم بين حركة فتح والمجموعات الاسلامية المتشددة عصيا على الحل في ظل غياب الموقف الفلسطيني الموحد في مخيم عين الحلوة حول كيفية التعاطي مع تلك المجموعات، ما يعكس المشهد الفلسطيني بتعقيداته وتشعباته وتحديدا التباين الحاصل بين السلطة الفلسطينية من جهة وحركات المقاومة الملتزمة بالقضية من جهة ثانية، خصوصا وبحسب متابعين، فإن آداء السلطة في الضفة الغربية خلال الأشهر الماضية لم يترك أمام القوى الفلسطينية الأخرى أي مبرر أو سبب للوقوف الى جانب السلطة في حربها مع المجموعات الاسلامية في مخيم عين الحلوة بالرغم من الاختلاف الكلي معها..
هذا الواقع، يجعل حركة فتح وحيدة في مواجهة المجموعات الاسلامية التي سجلت نقاطا عدة في الميدان ادى الى إهتزاز الصورة العسكرية للحركة ما قد ينعكس سلبا على نفوذها في مخيمات أخرى يتخوف البعض من إمكانية أن تشهد ردات فعل حيال أي قرار قد تتخذه فتح او أن تحصل مواجهات بينها وبين مجموعات او فصائل منتشرة في تلك المخيمات.
في غضون ذلك، بات واضحا ان هناك من يصر على استهداف مراكز الجيش اللبناني بالرصاص والقذائف الصاروخية لاستدراجه الى مخيم عين الحلوة، في سيناريو مماثل لمخيم نهر البارد، وقد كان لافتا انفجار قذيفة فوق أحد مراكز الجيش في حي التعمير امس أدى الى اصابة عدد من العسكريين، الا ان قيادة الجيش ما زالت تتعامل بكثير من الحكمة ازاء هذا الجنون العسكري داخل المخيم وتكتفي بالرد على مصادر النيران، في ظل إجماع وطني على أهمية الالتفاف حول الجيش في الحفاظ على أمن المناطق المجاورة للمخيم.
لا شك في أن ما يحصل في عين الحلوة لا يمكن ان تنتهي مفاعيله من دون حسم، خصوصا أن العودة الى ما قبل إغتيال اللواء العرموشي باتت شبه مستحيلة في ظل نفاد كل محاولات ضبط الوضع، ومساعي إنعاش المساكنة بين فتح والجماعات الاسلامية واهالي المخيم الذين تحولوا الى نازحين جدد، يتحركون باتجاه المناطق الآمنة عند كل جولة عنف..