الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في لبنان غداً، وعشية الزيارة لا يبدو أنّ خرقاً مرتقبٌ حدوثه في جدار الأزمة قبيل تسلم مسؤولياته الجديدة كمدير للعلاقات السعودية – الفرنسية، فضلاً عن أن أجواء الداخل لا توحي بتليين المواقف من مسألة انتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً بعد التعامل السلبي لقوى سياسية محددة تجاه دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الحوار.
وبانتظار معرفة ما سيحمله لودريان من أفكار أو مبادرات، توقعت مصادر سياسية في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية أن لا يكون هناك أي طرح لأسماء جديدة مرشّحة للرئاسة، لأن ما يهم لودريان أن يكون هناك حوار بين الكتل يؤدي الى اتفاق حول اسم أو أكثر للذهاب الى المجلس وانتخاب أحدهم رئيساً. وهو بذلك يتقاطع مع المبادرة التي أطلقها بري، لكن بري، وبحسب المصادر، مصمم على اجراء الحوار في النصف الثاني من أيلول الجاري.
إلا أن عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ميشال موسى قال في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إن الرئيس بري لن يحدد موعداً لجلسات الحوار قبل أن يعرف ما يحمله لودريان من أفكار جديدة سيناقشها معه ليبنى على الشيء مقتضاه، ويبقى أن لا سبيل لنا للخروج من الأزمة إلا بالحوار.
في موازاة ذلك تستمر الأزمة المالية والاقتصادية على قساوتها. وحيال النقاش الجاري حول مشروع موازنة ٢٠٢٤، رأى الخبير المالي والاقتصادي الدكتور أنيس أبو ذياب في حديث إلى جريدة “الأنباء” الالكترونية أن “أهم شيء في هذه الموازنة هو أن مجلس الوزراء سيبدأ مناقشتها اعتبارا من يوم غد الإثنين”، واصفاً إياها “بموازنة تقليدية مثلها مثل الموازنة السابقة، فيها زيادة رسوم وأعباء ضريبية سيكون جزء أساسي منها بالدولار الأميركي، وإن كان ليس كبيراً كما توقع البعض، لكنه سيؤدي الى ازدواجية بالمعايير القانونية، اذ سيكون هناك فئة تدفع الضرائب بالليرة، وفئة اخرى تدفع بالدولار، ولا يوجد فيها أي بند اصلاحي. أما نسبة العجز فيها فقد بلغت ١٥ ونصف في المئة، ما يوازي ٤١ ألف مليار ليرة. اما اجمالي قيمتها فوصل إلى ٣٠٠ ألف مليار ليرة بزيادة ٦٠ في المئة عن موازنة ٢٠٢٢”.
أبو ذياب اعتبر ان “الايجابية الوحيدة في هذه الموازنة أنها أُعدّت في موعدها”، مستغرباً الاصرار على زيادة الرسوم “لأننا عندما نزيد الرسوم في هكذا وضع اقتصادي فيه ركود تضخمي، تتراجع القدرة الشرائية عند الناس. والدول التي تمر بأزمات مشابهة تضع ضرائب نوعية على الناس الميسورين وذوي الدخل المرتفع خاصة في ظل استمرار التهرب الضريبي، إذ إن زيادة الرسوم بما يقارب الـ ٥٠ في المئة في موازنة ٢٠٢٤ د حكما سيؤدي الى تهرب ضريبي جديد وتراجع في الإيرادات وزيادة في العجز، وذلك من دون خطة اصلاحية ضرائبية. وكل ذلك لا يعفينا من ضبط الحدود ووقف التهريب الضريبي، ويبقى أهم شيء الاصلاحات”.
واذا كانت الإصلاحات ضرورة لا نقاش فيها فإنه من المستحيل الوصول إليها في ظل الواقع القائم، إذ البلاد مشلولة وقدرة الحكومة محدودة جداً والكباش حول التشريع يستمر، والمدخل الوحيد لتخطي كل ذلك يبدأ من انتخاب رئيس للجمهورية.
وبعيدا عن انشغالات اللبنانيين على قساوتها، فإن نكبة قاسية ألمّت بالمغرب بنتيجة الزلزال الكبير الذي ضرب البلاد، مسبباً بخسائر كبيرة في الارواح تخطت ليل أمس ١٣٠٠ شخص، وإصابات عديدة، وتشريد الناس، وتضرر في الممتلكات والأبنية والبنى التحتية. الملك المغربي محمد السادس أعلن الحداد رسمياً لثلاثة أيام، فيما بدأت فورا عمليات الإغاثة والإنقاذ، وقد أعربت العديد من الدول تضامنها واستعدادها لتقديم المساعدات والمساهمة في أعمال الإغاثة.