أمام الأعين المترقبة والمتوجسة، مشت مجموعة شباب وطلاب في أزقة و"زواريب" منطقة الطريق الجديدة، ألصقوا المناشير المطلبيّة ووزعوها، على أولئك الذين اقتربوا منهم فضولاً وتضامنًا وحتّى اتهامًا وإدانة. مطلبهم الوحيد كان "حلٌّ شامل يحمي التّعليم ويضمنه على كافة المستويات"، الأمر الذي تعاطف معه رهطٌ من السّكان، مطلين من شرفاتهم ونوافذهم وحتّى أبواب محالهم التّجاريّة، مبتسمين ومتفاجئين.تحرك طلابيّوعلى شاكلة التّحرك المطلبيّ الذي نفذته شبكة "مدى" والنادي العلماني في الجامعة اللّبنانيّة (Secular Club) منذ نحو الأسبوعين في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، (راجع "المدن")، قامت الشبكة بالتعاون مع مجموعة "عمل"، بتنفيذ تحرك سلميّ في محلة الطريق الجديدة، بغية الاستقطاب وحشد طلاب المنطقة وتوحيدهم حول مطلب حماية الجامعة وتحصينها من الغزو الحزبيّ، وإزالة لوثة الطائفيّة عنها، فيما تطرقوا إلى أهميّة طرح مطلب الانتخابات الطلابيّة في كافة فروع الجامعة، لخلق حالة تغييريّة من شأنها النهوض بالطلاب.
ومن محيط الجامعة العربية وما يتفرع عنه من أحياء، نادى الطلاب عبر مكبر الصوت بخطابهم الاحتجاجي ضدّ السّياسات التّهديميّة، التّي ينتهجها مسؤولو الجامعة اللبنانية والحكومة اللّبنانيّة، فضلاً عن المعنيين بالشأن التربويّ والتعليميّ عمومًا. ما أثار حفيظة البعض الذين وقفوا للتساؤل عن فحوى التحرك الذي ينفذه هؤلاء الشباب والأسباب من ورائه، فيما أبدى بعضهم اهتمامًا بمطالبهم، ولم تُسجل أي اعتداءات أو محاولة لـ"قمع" التّحرك على مثال ما آلت إليه الأمور في الضاحيّة الجنوبيّة.توجس وتضامناللافت، أن عددًا من المارين استوقفتهم المناشير وقاموا بالتّدقيق بها، ممتعضين بدايةً من تحرك الشباب، فيما توقع بعضهم أن تكون المناشير تتصل بالجدل الشعبيّ والسّياسيّ المُتعلق بحقوق مجتمع الميم – عين، إذا ما أخذنا بالاعتبار أن "الشارع السّنيّ" مؤجج اليوم بخطاب الكراهيّة، فيما لعبت منطقة الطريق الجديدة بأعلامها الاجتماعيّة والدينيّة، الدور الأساس في الحملة آنفة الذكر، وما تبعها من دعوات لمقاطعة قناة MTV، والتّصدي لما أسموه "ظاهرة الشذوذ الجنسيّ".
بينما وقفت عدّة سيدات من المنطقة لمحاورة الطلاب، والاستفسار منهم عن أسباب رفع رسوم الجامعة اللّبنانيّة، وعن الخطوات المزمع إقامتها لتحسين ظروف الجامعة من الناحيتين التشغيليّة والأكاديميّة، فضلاً عن الخيارات الموصى بها من ناحية الاختصاصات، لتسجيل أولادهم في الجامعة..
على أي حال، المراقب للمشهديّة المُكرّرة لتحركات الطلاب، لا بد أن يشعر بطيف الرمزيّة والتعاطف والحرج. فهذه النّواة الشابة والدؤوبة الطامحة بالتّغيير والراغبة بحشد كل الفئات متلافيةً الثقافة اللّبنانيّة التفريقيّة، لا تزال كتلة مُشرذمة ضئيلة أمام هول وتعسف السّلطات الحاكمة. وعلى أمل أن تستطيع هذه النواة/ اللوبي الطلابيّ النشط، اجتراح التغيير، عاجلاً أم آجلاً.