في بلاد الأرز، تسير المنظومة اللّبنانيّة الفاسدة بخطى ذكيّة لإلهاء الشّعب عن المواضيع الأساسيّة التي تتعلّق بمصيره ومستقبله. فهي تحرص على تحويل الإنتباه عن قضايا حقيقيّة تقضّ مضاجع اللّبنانيّين، وتستبدلها بمسرحيّات سياسيّة مشوّهة تهدف إلى تشتيت الجماهير وتفريقها.
من بين أهمّ هذه الملفّات القائمة، يحتلّ موضوع النّزوح السّوري الصّدارة، هو الذي أرغم اللّبنانيّين على تحمّل أعباء ثقيلة وتداعيات إقتصاديّة وإجتماعيّة خطيرة. ومع ذلك، تتلاعب المنظومة بمخاوف الشّعب وتتجاهل إيجاد حلول جذرية لحلّ هذه الأزمة، مع تجاهل تداعياتها السّلبيّة على البنية التّحتيّة والخدمات العامّة في البلاد.
أيضاً وأيضاً، يتصدّر ملف التّدقيق الجنائي قائمة الأولويّات التي يجب أن تحظى إهتمام الجميع. فإنّ وجود الفساد المستشري في مؤسّسات الدّولة يهدّد بشكل كبير إستقرار البلاد وتنميتها، ويسرق حقوق المواطنين ومستقبلهم. ومع ذلك، تتعثّر هذه العمليّة وتتعرّض للتّعطيل المتعمّد من قبل القوى السّياسيّة المتورّطة في الفساد، والتي تستخدم كل الوسائل لتحجيم الجهود الشّجاعة لإقامة نظام شفّاف وعادل.
التّغطية على إستمرار نجيب ميقاتي بإغتصاب السّلطة والتصرّف على هواه ومصادرة صلاحيّات رئاسة الجمهوريّة هي أيضاً من إحدى الملفّات الأساسيّة اليوم، وأحد مآثره الجديدة هي حرمان اللّبنانيين من السّاعات المتبقّية للكهرباء، بدل الذّهاب إلى تطبيق الخطّة الموضوعة منذ سنة ٢٠١٠ والتي تعاقب على تعطيلها عدّة رؤساء حكومات وأحزاب وبإعترافاتهم وعلى العلن.
لا يُمكن أن يصطلح وطن بوجود عدّة رؤوس ونظام ميؤوس، ودولة عميقة تتحكّم بمفاصل الدّولة لصالح جيوبها وأحزابها وملذّاتها.
على الشّعب اللّبناني الوعي والمطالبة بقوانين إصلاحيّة ومتطّورة؛ وهذه القوانين كان قد تقدّم بها تكتّل التّغيير والإصلاح ومن بعده تكتّل لبنان القويّ إلى إقتراحات قوانين وهي اليوم عالقة في الجوارير البرلمانيّة ولا تُبصِر النّور بسبب المصالح الشّخصيّة والآنيّة لمنظومة الفساد المتواطئة فيما بينها.
دفن إقتراحات القوانين في الجوارير البرلمانيّة ليس جريمة لا بل خطيئة لا تُغتفر، ولهذا طالِبوا بتحرير إقتراحات القوانين، كونها "صار عليها غبرة"، لتُقَرّ وتُصبِح قوانين مرعيّة الإجراء ولنُصلِح ما هدّمتهُ المنظومة الفاسدة العفنة بقوانين متقدّمة ومتطوّرة كَونَ لبنان يتّبع النّظام البرلماني القائم على البرلمان، أي القوانين!…
وليكُن الحوار سبيلاً لإقرار "الأولويات الرئاسيّة" التي كان قد سلّمها التيار الوطني الحر لجميع الكتل النيابيّة للتباحث فيها ودراستها.