أسوأ ما يمكن أن يشهده لبنان هو الترويج للشذوذ الجنسي عبر إعلانات مدفوعة الأجر من قبل منظمات دولية تسعى الى إختراق المجتمع اللبناني المتديّن والمحافظ بكل طوائفه ومذاهبه، وهي جهّزت لذلك نوابا في البرلمان وشخصيات مدنية ووسائل إعلام باعوا الدين والقيم والأخلاق والعادات والتقاليد بحفنة من الدولارات وبدأوا بتنفيذ مهام خبيثة تهدف الى تفكيك المجتمع والعائلات وصولا الى إنهيارهما بالكامل ما يُفسح في المجال أمام إشاعة وتعميم الرذيلة.
هذه الموبقات المستجدة باتت تشكل خطرا حقيقيا على الأمن الاجتماعي في البلاد، الأمر الذي دفع بشريحة واسعة من اللبنانيين الى الدخول في مواجهة حقيقية لحماية أولادها من هذه الأفكار الهدامة التي تخالف الطبيعة البشرية والأديان السماوية، حيث إنتشرت مؤخرا فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تحذر مما يروّج وتدعو المتحمسين للشذوذ الى تطبيقه في منازلهم لأن منازل أكثرية اللبنانيين ما تزال تتمتع بالحصانة الكافية لرفضها.
بالتزامن، فإن ما يشهده لبنان من محاولات إيقاظ للفتنة عبر إطلاق مواقف سياسية وطائفية عالية السقف، تنفيذا لأجندات مدفوعة الأجر مسبقا، يهدف بشكل واضح الى إستعادة أجواء الحرب الأهلية، وترجمة الأحلام القديمة القائمة على الكانتونات والفدرلة والتقسيم، وفصل المجتمعات عن بعضها البعض وإعتماد الأمن الذاتي بحجة حمايتها والحفاظ على مقدراتها.
هذا الأمر، حاول البعض تطبيقه أثناء الأحداث اللبنانية بقوة الحديد والنار والقتل والتصفيات الجسدية ضمن المجتمع الواحد، ومن ثم فشلت كل المحاولات التي بذلت بعد إتفاق الطائف، وهي ستفشل اليوم أيضا خصوصا أن ما يطرح يناقض الميثاق ويخالف الطبيعة اللبنانية التي تبقى أقوى من المغامرات الانتحارية التي يلجأ إليها البعض كلما شعروا أنفسهم بأنهم محشورين أو أن مصالحهم الخاصة مهددة.
كان لافتا الخطاب التصعيدي لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في ذكرى الشهداء، والذي إعتمد فيه السلبية المطلقة لجهة رفضه للحوار وما يمكن أن ينتج عنه، ومقاطعته الداعين إليه والموافقين على المشاركة فيه، بالرغم من إدراكه بأنه لا يستطيع أن يغير أي معادلة، أو أن ينتخب رئيسا، أو أن يسحب سلاحا أو أن يُضعف نفوذا، ما يجعل كل خطابه قائما على عنتريات وشعارات فارغة المضمون وعلى تحريض وشحن نفوس وتحريك غرائز ما يولد إحتقانا كبيرا في الشارع قد ينتج عنه توترات أمنية في مناطق مختلفة لن تكون في مصلحة أحد.
واللافت، أنه ضمن التنافس المستعر على إستمالة الشارع المسيحي وما يحتاجه ذلك من مزايدات وشعبوية، لحق سامي الجميل بجعجع عبر مواقف سياسية تصعيدية، كانت كلها “ممنوعة من الصرف” وتهدف فقط الى التوتير، من دون أن يقدم أي منهما خطة أو إقتراحا أو حتى فكرة للحل بما يتناسب مع حساسية الوضع في لبنان.
وبدا واضحا من اللغة المستجدة للمعارضة ولا سيما جعجع والجميل أن خشيتهما من الانتخابات الرئاسية لا تقف عند حدود رئيس تيار المرده سليمان فرنجية، بل تتعداها الى قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي لا تروق شعبيته المسيحية لهما، في حين ترى مصادر مواكبة أن جعجع والجميل لا يريدان إنتخاب رئيس للجمهورية، وهما ينتظران تبدلا في المناخات الاقليمية من بوابة المستجدات الحاصلة في سوريا والعراق لضرب وحدة لبنان وإتفاق الطائف وتفكيك البلد ومن ثم إعادة تركيبه وفقا لتطلعاتهما.
وترى هذه المصادر أن ما يقوله جعجع والجميل هو كلام أكبر منهما، وبعيد كل البعد عن المنطق السياسي والواقع اللبناني، وبالتالي فإن أكبر خطأ قد يرتكبانه هو إسقاط إتفاق الطائف الذي يعطي كل اللبنانيين شرف المواطنة ويمنع أي فئة من أن تتحول الى أهل ذمة، لافتة الى أن رفع السقف لا سيما ما خص لازمة “على بعبدا ما بتفوتوا” هي مجرد عرض عضلات لا يسمن ولا يغني من مواجهة!..