إعتبارا من اليوم، يُفترض أن تتبلور مواقف كل الكتل النيابية من الدعوة التي أطلقها الرئيس نبيه بري الى حوار الأيام السبعة والجلسات المتتالية لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية في ظل أجواء إيجابية توحي برغبة الأكثرية النيابية بتلبية دعوته بعدما باتت على قناعة بأن لا سبيل للخروج من النفق المظلم إلا بالحوار.
دعوة الرئيس بري كشفت النوايا بين من يريد إخراج البلاد من أزماتها ووضع حد للانهيار الحاصل، وبين من يصر على تفكيكه وصولا الى الارتطام الكبير لإعادة تركيبه وذلك في مشروع انتحاري جديد قد يكون له تداعيات كارثية لا سيما على دعاة التفكيك.
كذلك، فإن دعوة بري حوّلت الفريق المعارض لها الى أقلية بدأت تشعر بأنها تتجه الى العزل، من هنا يمكن فهم الخطاب الناري الذي أطلقه سمير جعجع أمس في قداس شهداء القوات اللبنانية خصوصا بعد موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي اعطى دعوة الرئيس بري غطاء من أعلى مرجعية مسيحية إستدعت ردا غير لائق من أحد نواب القوات عليه، ما يوحي بأن مثل هذه المواقف التصعيدية غير المبررة في هذا الظرف الدقيق تؤسس لمشاريع فتنة متنقلة يبدو أنها ستكون عدة الشغل في المرحلة المقبلة تمهيدا لتنفيذ مخططات التفكيك.
واذ لحق رئيس حزب الكتائب سامي الجميل بجعجع ضمن اطار المزايدات المسيحية – المسيحية، يبدو الانقسام واضحا بين النواب التغييريين الذين عبر بعضهم عن تأييده لدعوة بري، فيما رفضها آخرون، أما البعض الآخر فقدم مطالعات إنشائية بعيدة عن الواقع فيها استدراج عروض لحجز أماكن لهم على طاولة الحوار.
لا شك في أن ما دعا اليه رئيس مجلس النواب يعكس نية صادقة لإتمام الاستحقاق الرئاسي وانهاء الشغور الذي بدأ ينذر بفوضى عارمة، خصوصا بعدما إعتمد قاعدة “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم”، حيث أكد أن “الاستحقاق لا يمكن أن يتم بفرض رئيس ولا بوضع فيتو على رئيس”، أما الحوار فهو من أجل سحب السجال والتراشق من الشارع ووضعهما في إطارهما الصحيح من خلال المؤسسات ولسحب البساط من تحت أقدام كل من يسعى الى التوتير.
وترى مصادر سياسية مواكبة ان دعوة بري للحوار كان لها أوجه إيجابية عدة، أبرزها إقامة حوار وطني كبديل عن الاملاءات الخارجية، ورسم خارطة طريق لمهمة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الذي أربكته حالات الرفض التي جوبه بها من فريق المعارضة، وتؤكد هذه المصادر في الوقت نفسه أن لودريان يمكن ان يواكب هذا الحوار لدى وصوله الى لبنان والمساعدة في أن يفضي الى إنتخاب رئيس للجمهورية..