في وقت ينتظر الكثير من القوى السياسية اللبنانية تحركات الخارج ومبادراته، يبقى ثمة مسار داخلي واحد يمكن المراهنة عليه لإحداث تغيير فعلي وعملي في الستاتيكو الرئاسي، هو الحوار بين التيار الوطني الحر وحزب الله وما يمثّلانه. على أن هذا المسار لن يكون الأوحد بطبيعة الحال، لأن ما يتحاور عليه الطرفان وما يمكن أن يتفقا عليه، هو مهم لجميع اللبنانيين ويفترض توسيع دائرة الحوار حوله.
والإشارات الصادرة من الطرفين إيجابية، ولو كانت حَذِرة بطبيعة الحال، ومشروطة، انطلاقاً من أنَّ الشيطان يكمن في التفاصيل، وثانياً من المعادلة التي أرساها رئيس "التيار" جبران باسيل عبر "الدفع المسبق"، من خلال قوانين يقرّها مجلس النواب مع المراسيم التطبيقية للامركزية والصندوق الإئتماني.
والإيجابية تتصاعد إذا وافق رئيس مجلس النواب نبيه بري على نتيجة الحوار، كما لمّح إلى ذلك اليوم باسيل في حوار مع الزميلة "الأخبار"، كاشفاً أنَّ حزب الله أبلغه موافقة بري على مطلب اللامركزية.
ومن شأن هذه الإشارات والتقاطعات التفاهمية في حال وصلت إلى نهاياتها المنشودة، أن تسرّع من نتائج الحوار وانعكاساته الرئاسية، وإلا الذهاب إلى انتخابات متتالية تؤدي إلى مرشح ثالث بين المرشحين المعروفين الأساسيين، سليمان فرنجية وجوزيف عون.
والإيجابيات الحوارية تتسابق مع سياق الأزمات المالية والمعيشية. ففي وقت يزور حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري السعودية غداً في لقاءات لافتة، تعقب زيارته الأميركية، تتصاعد الأصوات في القطاعات المهنية والشعبية. فبعد القضاة الذين أعلنوا اعتكافاً جديداً للمطالبة بزيادات، يستحقها فقط القضاة الشرفاء والذين يمارسون واجباتهم، لا جميعهم ولا سيما قضاة المنظومة، رفع الأساتذة الثانويون صوتهم أيضاً.
أما الصرخة الأكبر فقد ارتفعت من اللبنانيين في وجه الإرتفاع غير المبرر في أسعار الإنترنت، والتي أدّت إلى مبادرة شرائح كبيرة من المواطنين إلى قطع اشتراكاتهم...
والحال هذه، يأمل اللبنانيون تسارع الحلول على قاعدة صحيحة، للمباشرة في ورشة إصلاح جدية تكنِس ما ارتكبته المنظومة المصرفية - السياسية في حقهم وحق الأجيال القادمة.