افتُتح شهر أيلول اللبناني بزحمة زيارات دولية - إقليمية وتبادل رسائل داخلية، ما يوحي بتسارعٍ بالحركة اللبنانية على وقع جملة من التطورات التي أفصح عنها تشغيل المحركات السياسية.
فالزيارة الخاطفة لكن المعبّرة لآموس هوكشتاين، فتحت الطريق لزياراتٍ قادمة متّصلة بملف الحدود البرية، لكن مع جملة من الحساسيات الدقيقة المحيطة بهذا الملف المصيري.
أما زيارة وزير الخارجية الإيرانية حسين عبد اللهيان فكمُنت أهمية زيارته في أنّها تعقب جولته السعودية، وفي ظل تبادل رسائل إيجابية بين الطرفين، من ضمن الجو الجديد بين البلدين وعلى إيقاع الإهتمام السعي بجملةٍ من الأولويات الإقتصادية والتنموية الهائلة في رؤية الأمير محمد بن سلمان.
هذه التقاطعات في التحركات أرخت بظلالها على الواقع اللبناني. وبعدما وجه رئيس مجلس النواب نببه بري رسائل متناقضة بين الهجوم والحوار، قابل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إيجابية بري فيما خص ملف الحوار تحديداً بإيجابية مماثلة، نظراً لأنها تتلاقى مع ما بادر اليه "التيار" منذ أكثر من عام تقريباً، لجهة خارطة الطريق الرئاسية.
على أنّ شيطان الحوار يكمنُ دائماً في تفاصيله وبرنامجه، فدون انتظارِ رؤيةٍ واضحة بجدول الأعمال والمشاركين والهدف الذي يرمي إليه، ضبابية وعدم وضوح لا يمكن البناء عليها حتى الساعة، باستثناء الإيجابية الكلامية.
كما أن كل هذا الواقع، يتحرك في موازاة مسار رئيسي هو الحوار العميق بين التيار الوطني الحر وحزب الله، الذي يبقى العامود الفقري لأي تقدم تغييري مؤثر في الملف الرئاسي. وهذا الحوار وصل إلى مراحل مفصلية تنتظر استكمال اللجان التنفيذية من الجانبين، وخاصة في جهة حزب الله للبحث التفصيلي والتقني في جوانب اللامركزية والصندوق السيادي.
وفي ظل كل الإشارات المعبرة التي باتت كلها مرتبطة بإنجاز الرئاسة، لا يُستبعد أن تؤدي كل هذه "التقاطعات" إلى خرق رئاسي في أيلول، في حال وصلت الحوارات الصعبة إلى نتيجة عملية.
وعلى الخط المعيشي والقضائي، انشغل اللبنانيون بمتابعة الإرتفاع الكبير في أسعار الإنترنت، في حين بقي تقاعس القضاة وهروبهم في ملف سلامة مثار تندرٍ وسخرية سوداء معبّرة عن واقع المنظومة القضتئية التي آثرت مصالح أسيادها لا مصلحة الشعب اللبناني.