أصبح الموت في لبنان مجانيا بكل المقاييس، وكأن حرباً داميةً تحصد الأرواح ولا يمكن ايقافها، فإن لم يمت اللبناني برصاصة طائشة أو بإشكال أو من الفقر والقتل يسقط ضحية حادث سير يخطفه على جناح شبح الموت الذي يتنقل من طريق الى طريق.
فقد شهد لبنان منذ بداية عام 2023 ارتفاعًا مخيفًا بعدد حوادث السير، إذ وحتى اليوم راح ضحيتها ما يقارب 250 شخصاً، وأكثر من 950 جريحاً، والمخيف أكثر هو أنه وفقط خلال شهر آب بلغ عدد حوادث السير 189 حادثا ذهب ضحيتها 45 شخصاً وأُصيب 263، وتعد هذه الارقام كارثية حيث أنها اعلى بكثير مقارنةً بالأرقام المسجلة في السنوات الماضية ما يضع لبنان ووفقاً للمعلومات بالمرتبة الثانية عربياً لجهة حوادث السير.
لا شك في أن كثرة حوادث السير ليست ناتجة عن خلل واحد فقط، إنما هي وليدة عدة أسباب أبرزها سوء حال الطرقات التي تفتقر لأدنى مقومات السلامة إما لضيقها أو لانها غير ممهدة إضافة الى الحفر الموزعة فيها كالألغام أو بسبب ظلمتها في ظل أزمة الكهرباء التي طالت الطرقات، فضلا عن أسباب أخرى كالقيادة المتهورة والسرعة الجنونية التي تقدم أسوأ نماذج الاستهتار بالأرواح وكذلك القيادة تحت تأثير المخدرات أو الكحول خصوصاً من فئة الشباب.
مع كل ما سبق، فقد فاقمت الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان من هذه الأزمة خصوصاً مع ارتفاع كلفة تصليح أعطال السيارات والكشف الدائم والمستمر، ولا شك في أن إقفال النافعة ساهم ايضاً في تفاقمها لجهة اعفاء الكثير من المواطنين من معاينة سياراتهم واعطاء الرخص رغم انها بحاجة الى الكثير من الصيانة وخصوصا لجهة الفرامل.
كغيرها من الأزمات التي يعاني منها لبنان، تبدو حوادث السير عصية على الحل، إذ أنها تبدأ بتطبيق قوى الأمن قوانين السير وإعتماد القصاص لمن لا يلتزم بها، وعلى وجه الخصوص زيادة الغرامات على السيارات المسرعة واعادة تأهيل الطرقات وزيادة الوعي المروري وتنتهي بتحمل كل فرد مسؤوليته.
تقول مصادر مطلعة على الازمة المرورية المتفاقمة في لبنان: ان هذه الأرقام وبالرغم من انها مخيفة إلاّ انها وللأسف تتجه الى مزيد من الارتفاع بسبب قلة الوعي والادراك لمخاطر الافراط في السرعة، وغياب الامكانات الكافية للقيام باصلاح الطرقات واعادة تشغيل اشارات المرور التي تغيب عن لبنان منذ وقت كبير.
وتضيف المصادر: لا يمكن التغاضي عن فصل الشتاء الذي يتم التحذير من قساوته ومن المعلوم ان طرقات لبنان ليست مجهزة للعواصف الامر الذي سيؤدي الى كوارث مرورية على طرقات لبنان، ما يجعل كل هذه المعطيات لا تبشر بالخير.