حسان الحسن- تتضارب المعلومات في شأن عودة الهدوء والأمان إلى محافظة السويداء في الجنوب السوري.
اذ تؤكد مصادر المعارضة السورية إستمرار "الحراك الشعبي" هناك، في وقتٍ تؤكد مصادر أهلية عودة الحياة الطبيعية إلى المحافظة التي شهدت في الأيام الفائتة"إحتجاجاتٍ مطلبية"، نتيجة الأوضاع الإقتصادية والمعيشية الصعبة التي تشهدها سورية كلها، جراء الحرب الكونية التي شنت وتشن عليها منذ منتصف آذار من العام 2011.
وزادت هذه الأوضاع حدةً، بفعل الحصار الإقتصادي الأميركي- الغربي المفروض على الشعب السوري، والمترافق مع الحرب العسكرية، التي خاضتها المنظمات الإرهابية التكفيرية ضد سورية وشعبها وبنيتها الإجتماعية. ثم ضاعفت واشنطن من ضغوطها الإقتصادية على هذا الشعب لإخضاعه وتأليبه على دولته، من خلال إستصدار الكونغرس الأميركي ما يعرف بـ "قانون قيصر" الجائر، الذي أصبح نافذًا بعد توقيعه من الرئيس الأميركي في كانون الأول 2020، فأضحى أشد إيلامًا على الشعب السوري، من الحرب العسكرية الإرهابية، فأوصل المناطق السورية إلى تردي الأوضاع المعيشية والإقتصادية والإجتماعية فيها.
وفي هذا السياق أيضًا، تحاول القوات الأميركية المنتشرة على الحدود السورية- العراقية قطع طرق الإمداد بين البلدين، لتشديد الحصار المذكور، وتسعير الحرب التجويعية على الشعب السوري. أضف إلى ذلك، يسهم الفاسدون في الداخل، من محتكرين للسلع الأساسية وما شاكل في إطباق الحصار على خناق السوريين.
ولاريب أن استمرار الفاسدين في فسادهم بلا حسيب ولا رقيب، سيدفع حتمًا المواطنين إلى تنظيم التحركات الإحتجاجية، وهذا حقهم.
ولكن في الوقت عينه، تسعى الحكومة السورية الى تحسين أوضاع مواطنيها بالإمكانات المتاحة لديها، كرفع رواتب الموظفين، وتحسين المساعدات والتقديمات الإجتماعية كافة، للإسهام في تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين.
وبالعودة إلى الأوضاع في السويداء، تصفها مصادر المعارضة بأنها نسخة سورية عن " ثورة 17 تشرين الأول 2019 اللبنانية"، وهي "حركة مطلبية" و"صرخة في وجه الفساد والفاسدين"، على حد قولها. بينما تسأل في المقابل مصادر سياسية سورية: "هل تتحقق عملية مكافحة الفساد، باستبدال العلم الوطني بعلم الإنتداب الفرنسي، والإعتداء على المواطنين والأملاك العامة والخاصة، وقطع الطرق أمام الناس؟".
وتؤكد المصادر السياسية السورية أن بعض الجهات الخارجية تسعى إلى الإستثمار في "وجع السوريين"، فاستغلت ظروفهم المعيشية الصعبة، وتذمرهم المحق من هذه الظروف، فحاولت "إشعال الفتنة" في السويداء، عبر أتباع الجهات المذكورة آنفًا في المدينة، بالتواطؤ مع بعض الحاقدين على دمشق في الجوار السوري، تحديدًا في لبنان وفلسطين المحتلة، ودائمًا بحسب معلومات المصادر السياسية عينها.
وتكشف أن الجهات الأمنية العاملة على المعبر الحدودي بين لبنان وسورية، ضبطت رجل دين ينقل الأموال من لبنان إلى الشطر الثاني من الحدود، وكان متجهًا إلى السويداء. وأظهرت التحقيقات أن هذه الأموال مخصصة لتحريك أعمال الشغب في الجنوب السوري. كذلك تكشف المعلومات أن مصادر تمويل هذا "الشغب"، هو ما وصفته ب"أحد الزعماء في جبل لبنان الحاقدين على سورية"، التي وقفت إلى جانبه في المحن، وأحد رجال الدين الموجود في الأراضي المحتلة. وتعليقًا على هذه المعلومات، تكتفي مصادر المعارضة بالقول: "هذا كلام الضعيف والفاقد للمبادرة"، غير أنها تقر أن هذه "الإحتجاجات" بقيت محصورة في السويداء وبعض مناطق الجنوب كدرعا، ولم تتمدد إلى المحافظات الكبرى كدمشق وحلب.
وعن خطورة "تحركات السويداء"، يعتبر مرجع معني أن أخطر ما حدث في السويداء أخيرًا، هو محاولة ربط الوضع فيها بالحركات الإنفصالية في شرق الفرات، أي محاولة إنشاء كانتون في السويداء مماثلٍ "للكانتون الكردي" في الشمال السوري، برعايةٍ وإشرافٍ أميركيين. ويكشف المرجع أن الأمن السوري أوقف سيدتين كانتا قادمتين إلى السويداء من قبل "قوات سوريا الديمقراطية" للتنسيق مع مفتعلي الشغب في الجنوب، في مسعى لمحاولة ربط الحركات الإنفصالية في الشمال والجنوب، بحسب معلومات المرجع. ويختم بالقول: " لن تسمح دمشق بإقامة كانتون مذهبي في الجنوب، مهما بلغت الأثمان، الأمر الذي يتنافى مع تاريخ أهالي جبل العرب وقيمهم".
وعن حقيقة إستمرار التحركات و"الإحتجاجات" في السويداء حتى الساعة، تؤكد مصادر أهلية عودة الهدوء والأمان والحياة الطبيعية إلى المحافظة، في أول ايلول وهو موعد بدء العام الدراسي، فلا يمكن إستمرار قطع الطرق أمام الطلاب والتلامذة من أبناء المحافظة الذاهبين إلى جامعاتهم ومدارسهم، تختم المصادر.