تتسارع التطورات، وتوحي بأجواء إيجابية ناتجة عن تفاهمات دولية وإقليمية من المفترض أن تبدأ ملامحها بالظهور إعتبارا من مطلع أيلول الذي تعتبر أوساط سياسية مواكبة أنه سيشكل مفصلا حقيقيا، فإما أن تلتقط التيارات اللبنانية الفرصة وتأخذ بالبلاد نحو الحلول التي تبدأ مع إنتخاب رئيس للجمهورية، أو أن تبقى على عنادها الذي سيفتح أبواب المجهول على مصراعيها.
لا شك في أن الارتياح الذي رافق زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكستين الى لبنان والتي غلب عليها للمرة الأولى الطابع السياحي من منقوشة الروشة الى الصفيحة البعلبكية في قلعة مدينة الشمس التاريخية، إضافة الى الايجابيات التي أحاطت بلقاءاته مع الرئيسين نبيه بري الذي شكره على جهوده التي أثمرت عن البدء بعملية التنقيب في البلوك رقم 9، ومع الرئيس نجيب ميقاتي الذي إستبقاه على الغداء مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا، ومع قائد الجيش العماد حوزيف عون الذي إستبقاه على العشاء، وتزامُن ذلك مع إدخال التعديلات اللبنانية على مسودة قرار التجديد لقوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل” في مجلس الأمن، وفقا للرؤية التي قدمتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بما يحافظ على السيادة ويحمي أصحاب القبعات الزرق والذي من المفترض أن يُقر عند الخامسة من بعد ظهر اليوم، بعد تأجيل قسري فرضته تباينات حول صياغة القرار، كل ذلك، يشير الى أن مناخا مختلفا يتجه لفرض نفسه على لبنان قد يؤسس الى إنفراجات تبدأ من الملف الرئاسي.
وفي الوقت الذي مدّد فيه هوكستين إقامته في لبنان ليوم إضافي، تتجه الأنظار الى زيارة وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبداللهيان الذي وصل ليل أمس الى لبنان بعد زيارته المملكة العربية السعودية لأول مرة منذ إستئناف العلاقات بين البلدين، ويأتي ذلك عقب إنجاز تسوية إيرانية ـ أميركية أثمرت عن الافراج عن خمسة أميركيين مقابل إلغاء تجميد أموال لإيران من عائدات النفط، فضلا عن الحديث المتنامي عن دور قطري فاعل بالتناغم مع السعودية، ما قد يعيد إحياء مهمة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الذي يفترض به أن يترجم هذه الايجابيات مع التيارات السياسية بالرغم من موقف المعارضة الذي يبقى رهن الاتصالات التي ستجري معها من الآن وحتى منتصف أيلول المقبل.
في غضون ذلك، يطل الرئيس نبيه بري اليوم بكلمة في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، حيث تشير المعلومات الى إمكانية أن يأتي مضمونها منسجما مع التطورات الايجابية، وأن يستعيد الرئيس بري من خلالها زمام المبادرة في إلقاء الحجة على كل الأطراف السياسية، وفي دعوتهم الى كلمة سواء، خصوصا أنه في ذكرى “إمام الحوار”، لا بد له من تجديد الدعوة الى الحوار من أجل إنتخاب رئيس للجمهورية والذي بات يشكل المفتاح لكل الأزمات.
وترى مصادر مواكبة أن ما قاله بري خلال إستقباله هوكستين حول جهود مجلس النواب لانتخاب رئيس وإستكمال إنجاز التشريعات المطلوبة في المجال النفطي وفي مقدمها الصندوق السيادي كما التشريعات المطلوبة لإنجاز الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، فضلا عن التشديد على ضرورة وقف الإنتهاكات الإسرائيلية للقرار الدولي 1701 وعلى عمق العلاقة مع قوات الطوارئ الدولية “اليونيفل” وأن لبنان حريص جداً على المحافظة على الإستقرار كما حرصه على سيادته على كامل التراب اللبناني، يشكل رسالة بوجهين الأول إيجابي مع التعاطي الأميركي مع حق لبنان في إظهار حدوده البرية والتنقيب عن ثروته البحرية، والثاني تحذيري من أن الرؤية التي قدمتها الحكومة في طلب التجديد لليونيفيل هي رؤية وطنية لا يمكن لأحد أن يحيد عنها ومن شأنها أن تحمي اليونيفيل وتحافظ على سيادة لبنان.