قبل أيّام من إنطلاق العام الدراسي الجديد، للعام 2023 ـ 2024، عقد وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي، يوم أمس، لقاءً تشاورياً مع عدد من ممثلي المكاتب التربوية في الأحزاب اللبنانية، تناول البحث فيه التحضيرات الجارية لانطلاق العام الدراسي الجديد.
ومع أنّ البيان الذي صدر عقب اللقاء كان “إيجابياً”، من وجهة نظر وزارة التربية، فإنّه لم يخل من وعود شبيهة بتلك التي أعطاها وزير التربية، ومعه الحكومة، قبل انطلاق العام الدراسي الماضي، 2022 ـ 2023، والتي بقي أغلبها حبراً على ورق، وجعلت الموسم الدراسي إيّاه من بين المواسم الدراسية الأكثر سوءاً في الأعوام الأخيرة.
هذه الوعود جدّدها وزير التربية أمس لممثلي المكاتب التربوية في الأحزاب اللبنانية، بشكل بدا وكأنّه يكرّر نفسه للعام الثاني على التوالي، عندما شرح للمجتمعين “التحضيرات، ونتائج جلسة مجلس الوزراء، الذي كان متفهماً ومتعاوناً لجهة جدولة الإعتمادات اللازمة لتأمين بدل إنتاجية للمعلمين”، وهو تعاون لم يلمس الأساتذة والطلّاب آثاره العام الدراسي الماضي، ولا يُنتظر أن يتغيّر الوضع هذا العام عن ما كان عليه.
فالوعود التي أطلقها وزير التربية العام الدراسي الماضي حول إعطاء الأساتذة بدل إنتاج إضافي بالعملة الصعبة، يساعدهم في مواجهة صعوبات الحياة وفي تأدية واجبهم تجاه طلّاب المدارس الرسمية الذين كانوا مهدّدين بالتشرّد وضياع العام الدراسي عليهم، بقي أغلبها بلا ترجمة على أرض الواقع، حيث كانت الأعذار والتبريرات بأنّ خزينة الدولة لا تسمح بصرف المزيد لهم، وبأنّ أموال الجهات المانحة لم تصل أو وصلت ناقصة، ما جعل أبواب مؤسّسات رسمية عدّة مقفلة أغلب أيّام العام الدراسي الماضي، وهو أمر يُنتظر تكراره هذا العام، ولم ينقذ طلّابها من الضياع سوى مسارعة أحزاب وجمعيات خيرية وشخصيات عملت بدلاً من الدولة على تقديم مساعدات مالية للأساتذة لإمرار العام الدراسي، وعدم ضياعه على الطلّاب، وهو مشهد ينتظر أن يتكرّر بشكل أوسع العام الجاري نظراً لاستمرار الأزمة وتفاقمها.
لكن كان لافتاً خلال اللقاء أنّ وزير التربية أبلغ المجتمعين أنّه يسعى من خلال الإجتماعات والإتصالات المفتوحة مع جميع المعنيين والمختصين، إلى “تأمين الأموال التي أُقرت للتربية في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، وبالسرعة المطلوبة، ليتسنى إطلاق عام دراسي جديد آمن ومستقر”، ما طرح علامات إستفهام حول هذا التأخير في تأمين الأموال وفي صرفها، والبلد على بعد أيّام قليلة من بدء العام الدراسي، أم أنّ هذه الأموال ستُجبى من جيوب المواطنين، بعدما رفع وزير التربية، في قرار أصدره في 16 آب الجاري، رسوم تسجيل طلاب المعاهد الفنية 14 ضعفاً دفعة واحدة، وسط خشية من أن يصدر قراراً جديداً يرفع بموجبه رسوم التسجيل في المدارس والثانويات الرسمية والجامعة اللبنانية أضعافاً مماثلة، ليقطع الطريق على الفقراء وذوي الدخل المحدود في تعليم أبنائهم، ويصبح مصير أغلبية الشّعب اللبناني إمّا الجهل أو التشرّد والتسكّع في الشّوارع؟