يطلّ الأسبوع الجاري ولبنان قد دخل سنة كاملة على المهلة الدستورية التي بدأت في الأوّل من أيلول من العام الماضي، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فانقضت المهلة، وكلّ المهل بعدها، ودخلت البلاد في فراغٍ يتمدد شيئاً فشيئاً مثل بقعة الزيت، منذراً بمزيد من الإنهيار والتصدّع في بنيان الدولة، المتهالك أصلاً.
فقبل عام من الآن، دخلت البلاد المهلة الدستورية التي تستمر لشهرين، قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية السّابق ميشال عون، في 31 تشرين الأوّل من العام ذاته، وخلال تلك المهلة عقد المجلس النيابي جلسة أولى لانتخاب خلفٍ للجنرال، في 29 أيلول، كشفت في ما بعد ملامح الجلسات المتتالية التي أعقبتها، من أوراق بيضاء تضمر خلفها إسم رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية من جهة، ومن جهة أخرى دعم قوى المعارضة للنائب ميشال معوض، ومن بعده لوزير المال السّابق جهاد أزعور، وهو دعم أثبتت الجلسات الـ12 التي عقدها المجلس النيابي أنّه ليس كافياً لإيصال أحدهما، أو سواهما من مرشحي المعارضة إلى سدّة الرئاسة الأولى.
طوال فترة العام هذه تبين أنّ التسوية، داخلياً وخارجياً، لتسمية الرئيس العتيد ما تزال غائبة، وأنّ كلمة السر لم تظهر بعد بانتظار نضوج الطبخة، ما أدخل البلاد في شلل واسع جعل الفراغ يتمدّد ليصل إلى منصب حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، الذي غادر منصبه الشّهر الجاري من غير تعيين خلف له، وهو فراغ بات كثيرون يخشون أن يتسع أيضاً ليصل إلى رأس المؤسّسة العسكرية الذي تنتهي في 10 كانون الثاني من العام المقبل ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون، وسط انهيار مالي واقتصادي غير مسبوق، لا ينذر فقط في دخول لبنان نادي “الدول الفاشلة”، بل بشطبه واختفائه عن الخارطة كما حذّر كثيرون في الداخل والخارج.
ويزيد من الغموض والقلق أنّ مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان قد انتهت عملياً، وإنْ بقيت قائمة شكلاً، بعدما تراجعت الرهانات المعقودة عليها في إمكان إحداثها خرقاً في جدار الأزمة الرئاسية، لا سيما بعد الإنقسام النيابي الواسع بشأن أسئلته التي وجّهها إلى النواب والكتل في 15 آب الجاري، التي بدت كـ”فرض مدرسي” ممل وباهت.
ما سبق جعل اليقين السياسي يكبر ويتأكد بأنّ الأوضاع ما تزال مكانك راوح، وبأنّ الحركة السياسية خلال العام الذي انقضى منذ بداية المهلة الدستورية كانت لملء الوقت الضائع، أو في الوقت الضائع، أو لتضييع الوقت، لا فرق، بانتظار مؤشّرات ما تؤكّد إقتراب أوان التسوية لإنقاذ البلد قبل الإنهيار الكبير، وتلاشيه، وتبعثره أشلاءً.