اشتدّ الكباش بين الحكومة وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري ونوابه على خلفية آلية الاقتراض والإستدانة من “المركزي” لتسيير شؤون الدولة، وذلك بعد فشل التشريع بسبب مقاطعة عدد من الكتل النيابية، الأمر الذي ينذر بأزمة كبيرة قد لا تقتصر على رواتب المؤسسات العسكرية والأمنية وموظفي القطاع العام، التي من المرجح صرفها بالدولار كما تفيد معلومات، لتطال ملف الأدوية وسواه.
على خط الاستحقاق الرئاسي، وفيما القوى السياسية تنتظر زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، والتي أصبحت بحكم المؤجلة إلى النصف الثاني من أيلول، بسبب التباينات التي نتجت عن الأسئلة التي وجهت للنواب وذلك بعدما رفض قسم منهم الإجابة عليها، استبعدت مصادر سياسية متابعة تسجيل أيّ خرق في الملف الرئاسي راهناً، مؤكدةً في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية أنَّ مسألة انتخاب رئيس جمهورية ما زالت دونها عقبات كثيرة، وأنَّ لبنان مقبل على أزمة مفتوحة.
وفي سياق الملف الاقتصادي وتداعياته، أشار الخبير المالي والاقتصادي أنطوان فرح إلى أنَّ “ما حصل بموضوع الفيول والإشكالات التي أثيرت حول الباخرة يعكس بوضوح الخلافات السياسية في البلد، بصرف النظر عن رأي وزير الطاقة والحكومة والوزراء”، لافتاً إلى أنَّ الأهم يقضي بتأمين الأموال اللازمة للمؤسسات الأمنية، إذ إنَّ المسّ بها سيفضي حتماً إلى اهتزاز الوضع الأمني ووضع البلاد في حالة خطر.
ورأى فرح في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أنَّ “الحكومة ومصرف لبنان يحاولان وضع لائحة أولويات بتأمين بسيط على أن لا يكون من أموال المودعين”، مشدّداً على أنَّ “الموقف المتخذ من قبل “المركزي” هو موقف مبدئي جيّد ويضع حداً للإنفاق من أموال الناس، لكنّه سيضعنا أمام اشكالية كبرى لناحية تمويل الدولة وبالتالي عليها أن توقف الإنفاق تفادياً للأسوأ”.
واعتبرَ فرح أنَّ “السياسة الجديدة لمنصوري جيّدة، لكنّها بنفس الوقت ليست الحلّ، إذ إنّها تضع خطاً بين أموال الناس وإنفاق الدولة، وإذا بقي الوضع على حاله، فإنّنا ذاهبون إلى وضع أسوأ، إلّا إذا نفّذ السيناريو الإيجابي، عبر انتخاب رئيس للجمهورية بوقت قصير، إذ حينها فقط يكون انتظام مؤسسات الدولة، ونذهب إلى خطة تعافٍ اقتصادي”.
وتطرّق فرح إلى أزمة القمح، لافتاً إلى أنّه “في ضوء عدم توفّر مخزون استراتيجي بعد تدمير الأهراءات، فإنَّ أيّ أزمة عالمية أو داخلية ستضعنا فوراً أمام أزمة رغيف، علماً أنَّ هذه الأمور ملحّة وتحتاج إلى معالجة سريعة”، مشيراً إلى أنّه “إذا رفعت الدولة الكتلة النقدية وبالتالي سددت حاجاتها بالليرة اللّبنانية، فإنَّ ذلك سيؤدي إلى هبوط سريع لليرة لأنها ستزيد الطباعة، وبالتالي إلى هبوط سعر الصرف، إنما عودة الدولار إلى الإرتفاع ما يقود إلى الإنهيار السريع”.
وعليه، فإنَّ الأنظار تترقّب المؤتمر الصحافي لمنصوري يوم الجمعة وما سيعلن عنه، إلّا أنّه من المؤكّد أنَّ البلد قد يكون مقبل على أزمة مفتوحة لا تجد القوى السياسية حلاً لها، في ظلّ جمود الملف الرئاسي واحتدام السجال بين الحكومة ومصرف لبنان، ما يُنذر بانهيار تدريجيّ يضاف إلى مؤسسات الدولة جامعةً.