بالرغم من سوداوية المشهد السياسي، فإن الاعلان عن إنطلاق أعمال التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9، قد أحيا الأمل في نفوس اللبنانيين بأن تكون نتائجه إيجابية لتساهم في مساعدة لبنان على الخروج من أزمته الاقتصادية الخانقة، شرط أن يتم التعامل مع هذه الثروة بشفافية مطلقة وأن تستخدم إيراداتها في الحد من الانهيار والبدء بالنهوض، ومنع أي كان من إستثمارها لمصلحته أو تقديم نفسه كوصيّ عليها.
لا شك في أن الزيارة التي قام بها أمس، رئيسا مجلس النواب نبيه بري ومجلس الوزراء نجيب ميقاتي الى منصة الحفر والتنقيب عن النفط والغاز يرافقهما الوزيرين المختصين وليد فياض وعلي حمية ومدير عام القصر الجمهوري أنطوان شقير وعدد من المختصين، أظهرت الاحتضان الوطني لهذه الثروة في حال وجدت، وللانجاز الذي تحقق بالترسيم الذي سعى إليه الرئيس نبيه بري على مدار سنوات طويلة من المفاوضات الى حين إعلانه إتفاق الاطار في الأول من تشرين الأول من العام 2020.
في الشكل، كان المشهد مكتملا على منصة الحفر والتنقيب بمشاركة الرئيس بري الذي يعود هذا الانجاز الى الجهود التي بذلها، والرئيس ميقاتي الذي لعبت حكومته دورا أساسيا في تسهيل الوصول الى إتفاق الترسيم ورعايتها الخطوات اللاحقة مع شركة “توتال” وإصدار المراسيم الخاصة، وحرصها على إزالة كل العقبات من أجل الوصول الى هذه الخطوة التاريخية، إضافة الى وزير الطاقة وليد فياض كونه الوزير المختص، ووزير الأشغال العامة والنقل علي حمية كوزير معني وبما يمثل، خصوصا أن هذا الترسيم ما كان ليحصل على هذا النحو لولا إعتماد الثلاثية الذهبية “الجيش والشعب والمقاومة” تلك المقاومة التي كانت على جهوزيتها للتدخل في حال أمعن العدو الاسرائيلي في الاعتداء على الثروة اللبنانية، ما جعل الموفد الأميركي آموس هوكشتاين يقوم بزيارة لبنان مرات عدة الى أن تم الاتفاق على الترسيم بصورته الحالية.
أما مشاركة مدير عام القصر الجمهوري أنطوان شقير فجاءت بإصرار من الرئيس ميقاتي إنطلاقا من حرصه على موقع رئاسة الجمهورية وضرورة أن يكون هناك ممثل لها ولو بشكل رمزي، ما يدحض كل الافتراءات التي تتهم رئيس الحكومة بمصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية أو بتهميش موقعه.
بالأمس، أعطيت إشارة الانطلاق للبحث عن الثروة اللبنانية في البحر، ووضع الرئيس بري الانجاز الذي تطلب سنوات من الجهود بين أيدي اللبنانيين، وهو عبر عن سعادته البالغة بذلك، حيث قال من على منصة الحفر والتنقيب: في هذه العتمة يأتي يوم فرح عملت له سنوات طوال الى أن كان إتفاق الإطار الذي أعلنته من عين التينة بتاريخ الأول من تشرين الأول عام 2020. وأتوجه الى الباري عز وجل ألا تنقضي بضعة أشهر إلا ويمن على لبنان بدفقٌ من كرمه، مما يشكل بداية لإزاحة الأزمة الإقتصادية التي يعيشها لبنان وشعبه وكذلك بتوافق اللبنانيين على انتخاب رئيس يقوم بدوره كبداية لحل سياسي نتخبط به. والله المستجاب وكل أمل”.
أما الرئيس ميقاتي فاستكمل زيارته بلقاء مع وفد من شركة توتال في السراي الحكومي، وقال: في هذه المناسبة المهمة التي يشهدها لبنان، فاننا نتطلع بأمل بأن تحمل الايام المقبلة بوادر خير تساعد لبنان على معالجة الازمات الكثيرة التي يعاني منها.
وأضاف: ان ما تحقق حتى الان هو انجاز يسجل للوطن والشعب اللبناني الصابر على محنه، ونأمل ان يتعاون الجميع في المرحلة المقبلة للنهوض ببلدنا ووقف التدهور الذي نشهده على الصعد كافة.إنه يوم للوطن وصفحة مضيئة في التاريخ.
واعتبر ميقاتي ان على الجميع التعالي عن الحسابات الشخصية والاعتبارات الخاصة والتعاطي مع المشروع بكونه يشكل انجازا لجميع اللبنانيين وركيزة اساسية للنهوض بالاقتصاد الوطني.