أُقفلت مساء أمس سلسلة الإشكالات والإعتداءات والحوادث اليومية التي تشهدها مدينة طرابلس يومياً، على إقدام عنصر في قوى الأمن الداخلي على إطلاق النّار من مسدس حربي بإتجاه مجهولين، دون إصابتهم، بعد أن أقدموا على سلبه داخل محله المعدّ لبيع الحيوانات في محلة طلعة الخناق في منطقة أبي سمراء بطرابلس، وفرّوا هاربين إلى جهه مجهولة.
وكان يوم أمس في عاصمة الشّمال قد بدأ بإشكالات وحوادث سرقة واعتداءات عدّة شهدتها مناطق وأحياء متفرّقة في المدينة، التي تعيش في الأشهر الأخيرة أجواء من التفلّت الأمني الذي يُنذر باحتمال إنزلاقه نحو الأسوأ، ما لم تتخذ القوى الأمنية تدابير أكثر صرامة من أجل ضبط الوضع، والضرب بيد من حديد ضد كلّ من تسول له نفسه اللعب على الوضع الأمني في المدينة.
كلّ ذلك يحصل بينما يُفترض أنّ العاصمة الثانية تعيش في ظلال خطّة أمنية بدأ العمل بها قبل أشهر عديدة، وبأنّها تنعم بأجواء آمنة ومستقرة مستمدة من كون وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال الحالية، بسام مولوي، هو إبن هذه المدينة، غير أنّ هذه الميزة من الأمن والإستقرار التي يُفترض أن تنعم بها المدينة ليست أمراً واقعاً، وليست حقيقة مترجمة فعلياً على الأرض.
شريط الأحداث والإشكالات اليومية في طرابلس يكاد لا يتوقف ولا يعرف الرّاحة أبداً. من حوادث سرقة وسلب، واعتداءات، وتضارب يرافقها طعن بالسكاكين أو إطلاق نار في الهواء أو مباشرة، ما يؤدي أغلب الأحيان إلى سقوط قتلى وجرحى، ووضع المدينة تحت ضغط أجواء من التوتر والقلق تؤثّر سلباً على مختلف نواحي الحياة الإجتماعية والإقتصادية في المدينة، وتلحق بها أضراراً فادحة.
منذ مطلع الصيف الحالي تنعم مختلف المناطق اللبنانية بازدحام لافت في الحركة، من إزدهار حركة إرتياد المقاهي والمطاعم والمنتجعات البحرية والجبلية على اختلافها، ونشاط لافت في حركة البيع والشراء في الأسواق، بفضل المغتربين الذين وفدوا إلى البلد الأم بشكل غير مسبوق في السنوات الخمس الأخيرة، تحديداً، التي تضرّرت فيها الحركة الإقتصادية في البلاد بشكل كبير، نتيجة حَراك 17 تشرين الأول عام 2019، وتداعيات تفشّي فيروس كورونا، والإنهيار المالي والإقتصادي الكبير في البلاد، قبل أن تخرج من أزماتها، نسبياً ومرحلياً، مع قدوم المغتربين، وجعل اللبنانيين يتنفسون قليلاً بعد سنوات من الضغط والإنهيار والتردّي.
طرابلس نالت شيئاً من هذه “النعمة”، وشهدت أسواقها ومختلف أوجه الحياة فيها نشاطاً لافتاً، غير أنّ الإشكالات والحوادث الأمنية اليومية أبقتها تحت الضغط، مع أنّها كانت قادرة على اغتنام المزيد بفضل ميزات تنعم بها لا توجد في أيّ مدينة أو منطقة لبنانية أخرى، غير أنّ القبضة الامنية المتراخية، فوّت عليها فرصة ستندم كثيراً في الأيّام المقبلة على أنّها لم تغتنمها وتستغلها كما يجب.