تعطيل الجلسة التشريعية بقرار من بعض الكتل النيابية أثار مجددًا التساؤلات حول كيفية إدارة البلد بغياب التشريع من جهة، وبظل التمادي في منع اتمام استحقاق رئاسة الجمهورية، واستمرار تعطيل غالبية المؤسسات الدستورية والإدارية، فيتأكد بذلك أن حسابات ومصالح بعض القوى السياسية أهم من مصالح الناس.
على هذا المنوال، وبانتظار عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان مطلع الشهر المقبل، يتواصل تدهور الاوضاع المحلية من سيء إلى اسوأ نتيجة تعنّت قوى الرفض السياسي وعدم استعدادها لتقديم تنازلات متبادلة، ما يعني مزيدا من التعطيل لمصالح الناس والبلد، بحسب عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجا، الذي يرى “أننا بدأنا نتحول الى ثقافة التعطيل الذي ينعكس على المؤسسات الدستورية”، لافتا في حديث مع جريدة الأنباء الإلكترونية إلى “قوانين لا بد من إقرارها، وإذا كان الصندوق السيادي يحتمل إقراره شهراً إضافياً أو شهرين، فإن قانون الطاقة المتجددة يجب أن يقر بسرعة لأنه ينظم عمل هذا القطاع ويفتح بابا للاستثمارات بمناطق تتميز بكثافة شمسية كبيرة يمكن لها أن تغذي كل المدن اللبنانية”، وسأل: “لماذا لا نذهب إلى المجلس ونقر هذه المشاريع؟ إذا كان هناك شغور في مؤسسة معينة، فلماذا تنعكس تداعياتها على باقي المؤسسات؟ نحن كلبنانيين يجب أن نتحاور مع بعضنا البعض لحل مشاكلنا وأزماتنا بدءا بالاستحقاق الرئاسي، فلماذا يتدخل الغريب لحل مشاكلنا؟”.
الخواجة اعتبر أن “بعض اللبنانيين لديهم قصور سياسي ووطني، فلا يوجد في لبنان طائفة كبيرة وأخرى صغيرة، وعلينا أن نتطلع الى دولة المواطنة، ولا خيارات لنا للنهوض ببلدنا إلا بالحوار العقلاني الهادف”.
على خط آخر وفي ظل الكباش القائم بين الحكومة ومصرف لبنان على آلية الاستدانة، أشار الخبير المالي والاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أنه يتوافق مع مصرف لبنان على الهدف لكنه يختلف معه في حشر الدولة بشهر واحد، لافتا الى أن “موقف مصرف لبنان من عدم الادانة جيد، لكنه بهذه الصورة سينعكس ضررا على مؤسسات الدولة كافة، إذ كان على المصرف أن يعطي مهلة ثلاثة أشهر لإصدار قراره النهائي بعدم الاستدانة واعتماد الحلول الوسط، أي أن يستجيب لطلب الحكومة بربع المبلغ في شهر أيلول، والربع الآخر في تشرين ليصل الى آخر السنة، ويمتنع عن إقراض الدولة نهائيا حيث كان يجب اعتماد ذلك بشكل تدريجي للوصول إلى الهدف السليم”.
وبما أن لا جلسة تشريعية حصلت، فلا جدوى في النقاش الذي يتعلق بمضمون مشاريع واقتراحات القوانين طالما أنها ستبقى دون إقرار، فيما الذين يحاضرون بالحقوق ويرفعون الشروط لا يخجلون من القول أنهم ذاهبون إلى مزيد من التعطيل اذا لم يتم تلبية رغباتهم السياسية، وبذلك يتكرر الرهان الخاطئ على الوقت الذي لن يمنح أحد ما يريد، وعوض ذلك سيأخذ من أمام جميع المواطنين ما تبقى من مقومات للدولة.