إذا صدقت المعلومات المتداولة عن أنّ السّفارة الفرنسية في بيروت قد وجّهت رسائل إلى الكتل النيابية والنوّاب المستقلين، تطلب فيها منهم، في إطار تحرّك الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في لبنان، “الإجابة خطيّاً عن الأجندة التي يفترض أن يعمل بموجبها رئيس الجمهورية المقبل، وعن المواصفات التي يفترض أن يتمتع بها الرئيس العتيد القادر على تنفيذ هذه الأجندة”، فهذا يعني أنّ مهمة الموفد الفرنسي قد فشلت، ودخلت في دوّامة لن تخرج منها.
في جولتيه السّابقتين في لبنان منذ تكليفه بمهمته، في 24 حزيران وفي 24 تمّوز الماضيين، إلتقى لودريان أغلب ممثلي الكتل النيابية، فضلاً عن نوّاب مستقلين. حينها وصف مراقبون جولته الأولى بأنّها “إستطلاعية”، وأنّه إستمع فيها إلى آراء مختلف المعنيين في لبنان حول الإستحقاق الرئاسي، قبل أن يعود في جولته الثانية بلهجة فيها الكثير من الصرامة والتهديد المضمر، عندما أبلغ من التقاهم أنّه سيعود في جولة ثالثة وأخيرة، رجّح بأنّها ستكون خلال شهر أيلول المقبل، وبأنّه إذا لم يتم التوصّل إلى حلّ للفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس جديد فعندها سيغادر لبنان بلا عودة، و”دبروا حالكم” على حدّ قوله.
لكنّ توجيه السّفارة الفرنسية الرسائل المذكورة إلى الكتل والنوّاب يعني أنّ مهمّة الموفد الفرنسي تستدعي التوقف عند نقاط عدّة، من أبرزها:
أولاً: أفادت معلومات أنّ الرسائل الفرنسية طلبت من الكتل والنوّاب الإجابة عليها قبل نهاية شهر أيلول المقبل، ما يعني بأنّ لودريان لن يعود الشّهر المقبل إلى لبنان كما كان قد أوضح بعد مغادرته لبنان أواخر الشّهر الماضي، وبالتالي فإنّ ترقب زيارته وما إذا كان سيحمل في جعبته أفكاراً وحلولاً، وانتظار هذه الزيارة، لن يكون مجدياً.
ثانياً: طرحت الرسائل الفرنسية المذكورة أسئلة عديدة حول دوافعها ونتائج لقاءات لودريان مع ممثلي الكتل والنوّاب، في الجولتين، وهل أنّ هذه اللقاءات لم تخرج بأيّ نتيجة ملموسة ما استدعى توجيه هذه الرسائل، أو أنّ من التقاهم في الجولتين كانوا في كلّ مرّة يعطونه أجوبة مختلفة عن أسئلة يطرحها عليهم، ما دفعه إلى طلب “توثيق” إجاباتهم على أسئلته وطروحاته لحشرهم في الزواية، وعدم تغييرهم مواقفهم كما لو أنّهم يبدّلون ملابسهم.
ثالثاً: هذه الأسئلة ستتوزع بين ردود الكتل والنوّاب عليها وبين من سيرد عليها بإجابات واضحة، وتسميته مرشّحه الرئاسي بلا رتوش أو مواربة، أو إعلان مواقفه بشكل واضح؛ وبين من ستكون إجاباته عمومية ورمادية لن تشفي غليل لودريان والإدارة الفرنسية؛ وبين من لن يردّوا على الرسائل الفرنسية وتجاهلها وكأنّها لم تكن، كونهم لم يعتادوا التعامل مع الموفدين الدوليين بهذه الطريقة التي سيرونها “غير لائقة”.