قبل أيام قليلة وعشية انقلاب شاحنة المقاومة عند كوع الكحالة خرج وزير الدفاع الإسرائيلي ليهدد ويتوعد بإعادة لبنان الى العصر الحجري.
لم يأت هذا التهديد من فراغ، بل هو ترجمة لنقاش اسرائيلي جدي بشن عدوان على لبنان للهروب من الأزمة الداخلية التي تواجه حكومة نتنياهو التي اعتادت هي وغيرها في مثل هذه الظروف الهروب الى الامام وتصدير أزماتها الى خارج الحدود.
لا يمكن للمقاومة الا أن تأخذ هذا التهديد على محمل الجد، وإن كانت تدرك ان الاسرائيلي يحسب مئة الف حساب قبل الاقدام على حماقة من هذا النوع بسبب توازن الرعب الذي تكرسه بفعل قوتها وجهوزيتها ونوعية سلاحها وصواريخها الدقيقة، إلا انها لا تأمن غدر العدو، ما يفرض عليها ان تكون على أهبة الاستعداد لكل السيناريوهات والاحتمالات.
من هنا جاءت التحركات وفقا للضرورات العسكرية والميدانية للمقاومة لجهة نقل السلاح والعتاد والعناصر الى الخطوط الامامية، لتعزيز الجهوزية وقوة الردع التي تحمي كل لبنان من العدوان.
اللافت، ان الدنيا قامت ولم تقعد عندما انقلبت شاحنة المقاومة عند كوع الكحالة، لا سيما من قبل التيارات المسيحية التي لم تقصر في إستحضار أجواء الحرب الاهلية وفي التنافس على رفع السقوف بوجه حزب الله في شعبوية تهدف الى استمالة الشارع المسيحي الذي ملّ المغامرات التي تأخذه اليها قياداته.
علما أن الجميع يدرك أن حزب الله لا يريد توتير الاجواء حرصا منه على السلم الاهلي في هذه الظروف وان التيارات المسيحية المعترضة او تلك التي تنفذ أجندات معينة غير قادرة على الحرب، وبالتالي فإن المواقف العالية السقف غير ذي جدوى، باستثناء إثارة النعرات وشحن الغرائز التي تترجم بحوادث متفرقة على غرار ما حصل عند كوع الكحالة.
واللافت ايضا، أن التيارات التي إعتبرت ان مرور شاحنة للمقاومة في الكحالة جريمة لا تغتفر ودعت الى المحاسبة والمصادرة، لم تحرك ساكنا حيال التهديدات الاسرائيلية وكأنها تعتبر ذلك بأنه مسألة فيها نظر، علما ان ما شهدته الكحالة وبالمنطق السياسي يصب في خدمة هذه التهديدات التي في حال ترجمت لن توفر أي منطقة، خصوصا ان لبنان يعيش ذكرى حرب تموز 2006 التي إمتد فيها العدوان من الجنوب الى الشمال ولم يفرق بين اللبنانيين الذين سقط منهم شهداء من كل الطوائف والمذاهب والمناطق ما يدل الى ان الحقد الاسرائيلي هو على لبنان بأكمله وليس على فريق دون آخر، فهل تعي التيارات السياسية ذات الرؤوس الحامية ذلك، فتأخذ مداها في الاختلاف والمواجهة مع حزب الله وفريقه في السياسة الداخلية، وتقف الى جانبه أو ان تصمت كأضعف الايمان حيال صراعه المستمر مع اسرائيل، في تجسيد لشعار “الجيش والشعب والمقاومة” الذي أعطت كل تلك التيارات الثقة للحكومات التي تضمنته بياناتها الوزارية.