من العدم، حلّت الكارثة، وها هو أنتوني غارسيا يرتاد يومياً ساحة اعتادت أن تكون مليئة بالسياح، لكنها باتت مغطاة بالحطام المتفحّم وبقايا حيوانات محترقة، وذلك بعد اندلاع حريق غابات أجّجته الأعاصير في مدينته.
بأسى، يقول لوكالة الصحافة الفرنسية، بعدما فقد كل شيء في الحريق الذي التهم ميناء لاهاينا في جزيرة ماوي في هاواي: «لا أصدق حدوث ذلك». وهو جاء إلى لاهاينا من كاليفورنيا لتمضية عطلة في عام 1993 لكنه لم يغادرها مذاك؛ وأسّس حياته في البلدة الهادئة التي كانت في السابق موطناً لعائلة هاواي الملكية.
تطلّ شقته على شارع سياحي مزدحم، حيث تكتظّ الحانات والمطاعم ومحلات بيع الحلي بالزوار. لكن كل ذلك لم يعد موجوداً… فقد أتت عليه النيران التي أودت بحياة 89 شخصاً على الأقل ودمّرت مئات المنازل.
أمضى الرجل (80 عاماً) الليالي القليلة الماضية غير قادر على استيعاب حجم الدمار والسكون الذي خيّم على مكان كان نابضاً بالحياة. والآن يمضي وقته في المنطقة الواقعة أسفل شجرة أثأب تاريخية ضخمة، تُعدّ المركز الروحي للمدينة، وحتى هذا الأسبوع، رمزاً لصمودها.
يقول: «هذه الشجرة؟ موجودة هنا منذ أكثر من قرن. وهناك؟ أول محكمة في لاهاينا. وما بعدها؟ بايونير الذي افتتح في عام 1901، أول فندق في هاواي!».
أُبلغ أولاً عن حرائق الغابات في وقت مبكر من صباح الثلاثاء، لكنها بدت بعيدة بما فيه الكفاية عن المدينة.
وفي وقت لاحق من اليوم، اندلعت النيران في المدينة وهبّت عليها رياح عاتية أدّت إلى انتشار ألسنة اللهب في الشوارع. ولم يكن الكثير من السكان على علم بالحريق حتى رأوا النيران تلتهم منازل وسيارات ومبانيَ عامة. يروي: «ألسنة اللهب في الشوارع أحرقت كل شيء! إنه أمر مؤلم».
تحت أغصان شجرة الأثأب السوداء، جمع غارسيا أكواماً من الأنقاض والحيوانات النافقة في محاولة غير مجدية، على ما يبدو، لإزالة مشاهد الدمار. ففي مخيلته، لا يزال بإمكانه رؤية الأمواج الفيروزية تتكسّر على الممشى الخشبي فيما يلتقط الزوار صور «سيلفي» ويتناولون المثلجات.
يتابع: «في الصباح، كان هذا المكان مليئاً بالعصافير المغرِّدة». أما الآن، فتتنقل طيور حمام عابرة عبر الرماد، وتنقر بحثاً عن فتات بلا جدوى على الأرض المحترقة.
يتوقف بعض السكان الذين عادوا إلى المدينة، ووجدوا منازلهم رماداً لإلقاء التحية عليه. فبالنسبة إلى كثر، لا سبب للبقاء بعد الآن… لم يبقَ شيء.
يقول غارسيا وهو ينظر إلى البحر: «أنا حزين، لكنني باقٍ هنا. لا أريد الذهاب إلى أي مكان آخر، أريد المساعدة في إعادة البناء»، مضيفاً: «منحني هذا المكان الكثير من الفرح، وجعلني رجلاً سعيداً. لذا، سأبدأ من جديد».